للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإزعَاجِ لِكُلِّ مُسْلِم أَمْ هُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْحَاكِمِ؟.

والجواب أن كلام الأئمة بالثاني أظهر إشعاراً، والأول مُنْقَدِحٌ أيضاً، فإنَّ كُلَّ واحدٍ منهم صاحب حق فيه، فكان له أن يمنعه.

وقوله: (ولا زكاة عليه إلا إذا قلنا ...) فيه استثناء الخمس على قولنا: أن مصرفه مصرف الفئ عن نفي الزكاة، وذلك يستدعي كون الخُمُس زكاة، لكن من أوجب الخمس فلا يكاد يسميه زكاة، ولهذا قال الشَّافعي -رضي الله عنه- في "المختصر": وَذَهَبَ بَعْضُ أهل نَاحِيَتِنَا -يعني- مالكاً إلى أن في المعادن الزَّكَاة، وذهب غيرهم -يعني- أبا حنيفة إلى أنَّ فيها الخُمُس، فلم يعد الخُمُس زَكَاةً.

وقوله: (على وجه بعيد) عبر عن ذلك المذهب بالوجه، والأكْثَرُون سَمُّوه قَوْلاً، وكأنه مستخرج من مِثْلِهِ في الرِّكَاز، فيجوز كل واحد من الإطلاقين.

واعلم: أنا إذا فرعنا على ظاهر المذهب، وهو أن الحول لا يعتبر، فوقت وجوب حَقّ المعدن حصول النَّيْل في يده، ووقت الإخراج، التّخليص والتنقية، كما أن وقت وجوب الزَّكاة في الزروع اشتداد الحَبِّ، ووقت الإخْرَاج التَّنْقِية، فلو أخرج قبل التَّمييز والتنقية عن التراب والحجر لم يجز، ويكون مضموماً على السَّاعي يلزمه رده، فلو اختلفا في قدره بعد التلف، أو قبله، فالقول قول السّاعي مع يمينه.

ومؤنة التخليص والتنقية على المالك كمؤنة الحصاد والدياس، فلو تلف بَعْضُه قبل التمييز فهو كَتَلف بَعْضِ المَالِ قبل الإمكان -والله أعلم (١) -.

قال الغزالي: الفَصْلُ الثَّانِي فِي الرِّكَاز وَفِيهِ الخُمْسُ مَصْرُوفاً إِلَى مَصَارِف الصَّدَقَاتِ (ح ز و)، وَلاَ يَشْتَرِطُ الحَوْلُ، وَيُشْتَرَطُ النِّصَابُ (م ح) وَكَوْنُهُ مِنْ جَوْهَرِ النَّقْدَينِ عَلَى الجَدِيدِ.

قال الرافعي: في الفصل مَسَائِلُ:

إحداها: قدر الواجب في الرِّكَاز الخُمُس، لما روي عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "فِي الرِّكَازِ الْخُمُسُ" (٢).

الثانية: في مصرفه قولان:

أصحهما -وهو المذكور في الكتاب-: أن مصرفه مصرف الزَّكَواتِ؛ لأنه حَقٌّ وَاجِبٌ في المستفاد من الأرْضِ، فأشبه الواجب في الزُّروع والثِّمَار.


(١) وإذا امتنع من تخليعه أجبر.
(٢) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>