للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: وبه قال المزني وابن الوكيل الباب شامي، وأبو جعفر التّرمذي -رحمهم الله- أنه يُصْرَف إلى أهل الخُمُس المذكورين في آية الفَيْءِ؛ بأنه مَالٌ جَاهِلِيُّ حصل الظَّفْرُ بِهِ مِنْ غَيْرِ إِيجَافِ خَيْلٍ، وَلاَ رِكَابٍ، فَكَانَ كَالْفَيءِ.

ومنهم من لا يطلق قولين، بل يقطع للشافعي -رضي الله عنه- بالأول؛ وينقل الثاني وجهاً ضَعِيفاً.

الثالثة: لا يُشْتَرط الحول فيه؛ لأن الحول للاستنماء، وهو نماء كُلُّه، ولا يجيء فيه الخلاف المذكور في المعدن؛ لأنه يلحق مَشَقَّةَ فِي تحصيل التبر ثُمَّ يحتاج إلى الطَّبْخِ والمعالجة، والرَّكَازُ بِخِلاَفِهِ.

الرابعة: هَلْ يشترط فيه النِّصَاب؟ وهل يختص الوجوب بالذَّهب، والفضة؟ نصّ الشافعي -رضي الله عنه- في مواضع على [عدم] (١) الاشتراط والاختصاص.

وقال في موضع: "لو كنت أنا الواجد لخَمَّسْتُ القليلَ والكثير، والذَّهب والفِضَّة، وغيرهما"، واختلف الأصحاب -رضي الله عنهم- على طريقين:

أظهرهما: أن المسألتين على قولين.

أظهرهما -وينسب إلى الجديد-: أنه يُشْتَرط النصاب، ويختص بالنقدين.

أما الأول: فلظاهر قوله -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ شَيْءَ فِي الذَّهَبِ حَتَّى يَبْلُغُ عِشْرِينَ مِثْقَالاً" (٢).

وأما الثَّاني: فكما لو اكتسب لا من جهة الرَّكَازِ.

والثاني: وينسب إلى القديم: أنه لا اشتراط، ولا اختصاص؛ لمطلق قوله -صلى الله عليه وسلم-: "فِي الرِّكَازِ الخُمُسُ" (٣)، ولأنه مال مُخَمَّسٌ فأشبه الغَنِيمة.

والطريق الثَّاني: القطع بالقَوْلِ الأَوَّل وحمل النَّص الثَّاني على الاحتياط للخروج من الْخِلاَف، كقوله في "باب صلاة المسافر": أما أنا فلا أقْصُرُ في أقل من ثلاثة أيام، وليس ذلك قولاً آخر له في مسافة القصر.

وقوله في الكتاب: (مصروفاً إلى مصارف الصدقات) معلَّم بالواو الزاي وبالحاء؛ لأن عنده أيضاً يصرف إلى مصارف الفَيْءِ، وبالألف؛ لأن إحدى الروايتين عن أحمد مثله. وقوله: (ويشترط النصاب) مُعَلَّمٌ بالحاء والألف والميم؛ لأن عند أبي حنيفة وأحمد لا يشترط النصاب، وهو أصح الروايتين عن مالك، وكذلك قوله: (وكونه من جوهر النقدين) مُعَلَّمٌ بهذه العلامات؛ لأن قولهم فيه كقولهم في النّصاب.


(١) سقط في ط.
(٢) تقدم.
(٣) تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>