للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثانية: لو باع شجرة يابسة نابتة فعمى المشتري تفريغ الأرض عنها للعادة.

قال في "التتمة" فلو شرط إبقاءها فسد البيع، كما لو اشترى الثَّمرة بعد التَّأْبِير وشرط عدم القطع عند الجُذَاذ، ولو باعها بشرط القطع أو القلع جاز، وتدخل العُرُوَق في البيع عند شرط القلع، ولا تدخل عند شرط القطع بل تقطع عن وجه الأرض، وإن كانت الشَّجرة رطبة فباعها بشرط الإِبْقَاء أو شرط القلع اتبع الشَّرط ولو أطلق جاز الإِبْقَاء أيضاً للعادة كما لو اشترى بناء يستحق إبقاءه وهل يدخل المغرس في البيع؟ وجهان.

وقال الإمام وصاحب الكتاب رحمهما الله: قولان:

أحدهما ويحكى عن أبي حنيفة: نعم؛ لأنه يستحق منفعته لا إلى غاية، وذلك لا يكون إلاَّ على سبيل المِلْك، ولا وجه لتملكه إلاّ دخوله في المبيع.

وأصحهما: لا لأن اسم الشجرة لا يتناوله، وقد يستحق غير المالك المنفعة لا إلى غاية كما لو أعار جِدَاره ليضع الجذع عليه، فعلى الوجه الأول لو انْقلعت الشجرة أو قَلْعها المالك، كان له أن يَغْرس بدلها، وله أن يبيع الغرس، وعلى الثاني ليس له ذلك، ويجري الخلاف فيما لو اشترى أرضاً، وشرط البائع لنفسه شجرة منها أن المغرس يبقى له أيضاً أم لا والله أعلم.

قال الغزالي: وإنْ كَانَ عَلَيْهَا ثَمَرَةٌ مُؤَبَّرَةٌ لَمْ يَنْدَرجْ تَحْتَهُ، وَغَيْرُ المُؤَبَّرَةِ تَنْدَرجُ (ح)، وَفِي مَعْنَى المُؤَبَّرَةِ كُلُّ ثَمَرَةٍ بَارِزَةٍ ظَهَرَتْ لِلنَّاظِرِينَ، وَإذَا تَأَبَّرَ بَعْضُ الثَّمَارِ حُكِمَ بانْقِطَاعِ التَّبَعِيَّةِ فِي الكُلِّ نَظَراً إِلَى وَقْتِ التَّأْبِيرِ لِعُسْرِ تَتَبُّعِ العَنَاقِيدِ، هَذَا إِذَا اتَّحَدَ النَّوْعُ وَشَمِلَت الصَّفْقَةُ، فَإِن اخْتَلَفَا أَوْ أَحَدُهُمَا فَفَيهِ خِلاَفٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: بيان أن الثمرة متى تندرج في بيع الشجرة؟ ومتى لا تندرج؟ والأصل في الباب ما روي عن ابن عمر -رضي الله عنهما- أن النّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ بَاعَ نَخْلَةٌ بَعْدَ أَنْ تُؤَبَّرَ فَثَمَرَتُهَا للْبَائِعِ، إلاَّ أَنْ يَشْتَرِطَ الْمُبْتَاعُ" (١).

وروي أن رجلاً ابتاع نخلاً من آخر، واختلفا: فقال المبتاع: أنا أبَّرته بعدما ابتعت، وقال البائع أنا أبَّرته من قبل البيع فتحاكما إلى النَّبي -صلى الله عليه وسلم- فقضى بالثَّمرة لمن أبَّر منهما (٢) وأول ما يحتاج إلى معرفته تفسير التَّأْبير.

اعلم أن النخيل فُحُول وإِنَاث، ومعظم المقصود من طلع الفُحُول استصلاح الإناث بها، والذي يبدو منها أولاً أُكَمَة صغيرة، ثم تكبر وتطول حتى تصير كآذان


(١) أخرجه البخاري ٢٢٠٣، ومسلم ١٥٤٣ من رواية ابن عمر.
(٢) أخرجه بنحوه الشافعي مرسلاً والأصيلي في الدلائل مسنداً من رواية ابن عمر قاله الحافظ.

<<  <  ج: ص:  >  >>