للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا تذكرت ذلك فلو رهن المستقرض أو المشترى كما شرط، لم يخل إما أن يعلم فساد ما شرط، أو يظن صحته، فإن علم الفساد فينظر إنْ رهن بالألف القديم صح، وإن رهن بهما لم يصح بالألف الَّذِي فسد قرضه؛ لأنه لم يملكه، وإنما هو مضمون في يده للمقرض، والأعيان لا يرهن بها، وفي صحته بالألف القديم قَوْلاً تفريق الصَّفْقة، فإن صح لم يوزع، بل كان الكل مرهوناً بالألف القديم، لأن وضع الرَّهْن على توثيق كل بعض من أبعاض الدين بجميع المرهون ولو تلف الألْف الَّذِي فسد القرض فيه في يده صار دَيْناً في ذمته، وصح الرَّهْن بالألفين حينئذ.

وأما عند ظن الصِّحة فإذا رهن بالألف القديم، فعن القاضي: أنه لا يصح الرَّهْن، كما لو أدى ألْفاً على ظن أنه عليه ثم تبين خلافه، له الاسترداد ويتبيّن بطلان الأداء، وعن الشيخ أبي محمد وغيره صحته بخلاف صورة الاستشهاد؛ لأن أداء الدين يستدعي سبق ثبوته، وصحّة الرَّهْن لا تستدعي سبق الشروط، ولو رهن بالألفين، وقلنا: إِنَّ الصفقة تفرق، فَصِحّته بالألف القديم على هذا الخلاف، وكذا لو باع بشرط بيع آخر فأنشأ البيع الثاني ظانّاً صحة الشرط، وقد ذكرنا هذه الصورة في موضعها، وهذه الصورة والخلاف فيها شبيه بما إذا باع مال أبيه، على ظن أنه حي فكان ميتاً على رأي يجعل ظنه مانعاً صحة الإقدام، لأنه ربما لم يبع لو عرف حقيقة الحال.

وقوله في الكتاب: (ولو شرط عليه رهن في بيع فاسد) أراد به صورة خلاف الشيخ، والقاضي على ما بينه في "الوسيط"، لكنه اقتصر هاهنا على جواب القاضي، والمعنى شرط عليه رهن في بيع فاسد بدين قديم.

وقوله: فظن لزوم الوفاء به، ليس المراد اللُّزُوم الذي يفيد الإجبار، فإن الرَّهْن المشروط لا يجبر عليه بحال، ولكن المراد صِحّة الشرط ولوازمها.

وقوله: (فله الرجوع) يشعر بالصِّحة، وتفويض الأمر فيه إلى خيرة الرَّاهن، وهذا الظاهر غير معمول به، بل أحد القائلين يلغيه، والثَّاني يجعل سبيله سبيل سائر الرّهُون حتى يلزم، ولا يتمكن الراهن من الرجوع عنه.

قال الغزالي: وَلَوْ قَالَ: رَهَنْتُكَ الأَرْضَ فَفِي انْدِرَاجِ الأَشْجَارِ تَحْتَهُ، وَكَذَا فِي انْدِرَاجِ الأُسِّ تَحتَ الجِدَارِ، وَفِي انْدِرَاجِ المَغْرَسِ تَحْتَ الشَّجَرِ قَوْلاَنِ، وَكَذَا فِي الثَّمَارِ غَيْرِ المُؤَبَّرَةِ وَفِي الجَنِينِ وَاللَّبَنِ فِي الضَّرْعِ خِلاَفٌ، وَكَذَا فِي الصُّوفِ المُسْتَجَزِّ عَلَى ظَهْرِ الحَيَوَانِ، وَفِي الأَغْصَانِ الخِلاَفُ، وَوَجْهُ الأَخْرَاجِ مِنَ اللَّفْظِ ضَعْفُ الرَّهْنِ عَنِ الاسْتِتْبَاعِ.

قال الرَّافِعِيُّ: نظر الفصل في جملة من الألفاظ المُطْلَقَة في المرهون، وتمس الحاجة إلى البحث عما يدخل فيها ويخرج، وحاصله، صور:

<<  <  ج: ص:  >  >>