للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرُّجُوعُ عَنْهُ، كَمَا لَوْ ظَنَّ أَنَّ عَلَيْهِ دَيْناً فَأَدَّاهُ ثُمَّ تَبَيَّنَ خِلافَهُ.

قال الرَّافِعِيُّ: في الفصل مسألتان:

الأولى: زوائد المرهون غير مرهونة عند إطلاق الرَّهْن كما سيأتي، لكن لو رهن الشَّجرة بشرط أنْ تحدث الثمرة مرهونة، أو الشاة بشرط أن يحدث النِّتاج مرهوناً، فقولان: قال في القديم: والرهن اللَّطِيف يصح الشرط ويتعدى الرَّهْن إلى الزوائد؛ لأن الرَّهْن عند الإطلاق إنما لا يسرى إلى الزوائد لضعفه، فإذا قوى بالشرط سرى.

وقال في الأم: لا يصح، وهو الأصح لأنها معدومة مَجْهُولة، فلا يصح الرَّهْن فيها، ومنهم من قطع بهذا، وأول الأول حكاه القاضي ابن كَجّ رحمه الله.

التفريع: إنْ صححناه، ففي اكتساب العبد إذا شرط كونه مرهوناً وجهان للشيخ أبي محمد، والأظهر المنفع، لأنها ليست من أجزاء الأصل، وإنْ أفسدناه ففي صِحَّة الرَّهْن خلاف له مخرجان:

أحدهما: القولان في فساد الرَّهْن لفساد الشَّرْط الَّذِي ينفع المرتهن.

وثانيهما: أنه جمع في هذا الرَّهْن بين معلوم ومجهول، فيجيء فيه الخِلاَف الَّذِي في تفريق الصَّفْقة، فإنْ كان الرَّهْن بهذا الشَّرط مشروطاً في بيع، فإن صححنا الشرط أن أو أفسدناه وصححنا الرَّهْن صح البيع وللبائع الخيار، ولا ففي البيع القولان في أنَّ إفساد الرَّهْن المشروط في البيع، هل يفسد البيع؟ وإذا اختصرت قلت: في المسألة أربعة أقوال: صحة الشرط والرهن والبيع، وصحة البيع دونهما، وصحتهما دون الشرط، وبطلان الكل، ولو رهن وشرط كون المَنَافع مرهونة، فالشرط باطل، ولا يجري فيها القولان المذكوران في الزوائد.

فرع: لو أقرض بشرط أن يرهن به شيئاً، وتكون منافعه مملوكة للمقرض، فالقرض فاسد؛ لأنه جَرَّ منفعة، وإذا بطل الرهنَ، وإن شرط كون المنافع مرهونة أيضاً، فالشرط فاسد والقرض صحيح؛ لأنه لا يجر منفعة، وفي صحة الرَّهْن القولان.

المسألة الثانية: لو قال: أقرضتك هذا الألف بشرط أن ترهن به، وبالألف الذي لي عليك كذا، أو بذلك الألف وحده، فالقَرْض فاسد على ما مر في بابه. ولو قال المستقرض: أقرضني ألفاً على أن أرهن به، وبالألف القديم الذي لك عليّ أو بذلك الألف فقط فقد نقل الإمام فيه تردُّداً بناء على أن القبول من المستقرض غير معتبر، والأصح اعتباره، والتَّسوية بين أن يصدر الشرط من المقرض ويقبله المستقرض وبين عكسه، وكذا لو باع بشرط أنْ يرهن بالثمن، والدين القديم أو بذلك الدين رهناً، فالبيع باطل كما تقدم.

<<  <  ج: ص:  >  >>