للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولادِهِ، دَخَلَ فيه الغَنِيُّ والفقير. وأصحُّهما: الاختصاصُ؛ لأنَّ المقصد القربةُ والثوابُ، وعن ابن سُرَيْجٍ القَطْعُ بالثَّاني، وحمل المطْلَق على المقيَّد، وإذا قلنا بالاختصاص، فهو عَلَى سبيل الوجُوب أوِ الاستحبابِ (١). حكَى أبو الفرج السَّرْخَسِيُّ فيه وجهَيْن.

وإن قلْنا: بالصَّرْف إلى المساكين، ففي تقديم جيران الواقِفِ وجْهان:

أشبَهُهُمَا: المَنْعُ؛ لأنا لو قدَّمنا بالجوار، لقدَّمنا بالقرابة بطريقِ الأوْلَى أو التفريعُ عَلَى غيره. ولو قَالَ: وَقَفْتُ هذا عَلَى زَيْدٍ شهراً عَلى أن يعود إلَى مِلْكي بعد الشهر، فالمَذْهَبُ بطلانهُ وفيه قول آخَرُ؛ أنَّهُ يصحُّ، وعلى هذا فيعودُ مِلْكاً بعد الشهر، أو يكونُ كالوقْف المنقطعِ الآخر، حتى يُصْرَفُ بعدْ الشهر إلَى أقرب الناس إلى الواقِفِ.

قال صَاحِبُ "التَّهذيب": فيه قولان؛ [والله أعلم].

قَالَ الغَزَالِيُّ: الثَّانِيَةُ: التَّنْجِيزُ فَإذَا قَالَ: إِذَا جَاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ فَقَدْ وَقَفْتَ لَمْ يَصِحَّ (و) فَإِنَّه تَعْلِيقٌ كمَا فِي الْهِبَةِ، وَلَوْ قَالَ: وَقَفْتُ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ مِنْ أَوْلاَدِي فَهُوَ مُنْقَطِعِ الأَوَّلِ فَقَوْلاَنِ كَمُنْقَطِعِ الآخِرِ، وَقِيلَ: يَبْطُلُ قَطْعاً لأَنَّهُ لاَ مَقَرَّ لَهُ في الحَالِ، وَإِنْ صَحَّحْنَا فَإذَا وَقَفَ عَلَى عَبْدِهِ أَوْ عَلَى وَارِثهِ وَهُوَ مَرِيضٌ ثُمَّ بَعْدَهُ عَلَى المَسَاكِينِ فَهُوَ مُنْقَطِعُ الأوَّلِ.

قالَ الرَّافِعِيُّ: في الفصْل مسأَلَتَانِ يقْتَضِي الشَّرْح تقديمَ الأخيرةِ منْهُمَا، فنُقَدِّمَها فنقول:

[المسألةُ الأُولَى، وهي الثانية:] إذا قَال: وقَفْتُ عَلَى من سيُولَدُ لي، أو على مسْجِدٍ سيُبْنَى، ثم على الفقراء، أو قال: على ولدي وبعْده على الفُقَراء، ولا وَلَدَ له، فهذا وقْفٌ منقطعُ الأوَّل، وفيه طريقان:

أحدهُمَا: وبه قال ابنُ أبي هُرَيْرَةَ أنَّه على القولَيْن في منقطع الآخر.

قال في "التتمة": وهُمَا مبنيَّان عَلَى أنَّ البَطْنَ الثَّانِيَ ممَّن يتلقَّوْن، إنْ قلنا: في البطن الأوَّل، لم يصحُّ؛ لأنَّ الأوَّلَ إذا لم يثبُتْ له شيْءٌ، اسْتَحَال والتَلَقِّي منه.

وإِنْ قلْنا: من الواقف، فهو على الخِلاَفِ في تفْريق الصَّفْقَة.

والثَّاني: وبه قال أبو إسحاق: القَطْع بالبُطْلاَن، والفَرْقُ بينه وبين منقطِع الآخرِ؛ أنَّ متَّصِلَ الأوَّل وجد مُستَحَقَّاً وابتداءً صَحِيحاً يُبْنَى عليه الأخير بخلافِ العَكْسَ، ولهذا يقال في منقطعِ الأوَّل قولان مرَّتبان على القولَيْن في منْقَطِع الآخر، أولَى بالبُطْلاَن.

ورأَى الإمام عكس هذا التَّرتيب، وإن منقطع الآخِر أولَى بالبطلان؛ لأنَّ وضْعَ


(١) لم يرجع المصنف فيهما شيئاً وصحح السبكي الوجوب وتبعه الأذرعي والزركشي.

<<  <  ج: ص:  >  >>