الوقْف عَلَى أنْ يدُومَ، وليْسَ في منقطع الأوَّل إلاَّ أن مصرفه منتظر وسواءٌ أثبتنا الخلافَ في المَسْأَلة، أو لَمْ نثبته، فالظاهر البطلان، وهي المنصوصُ في رواية المُزَنِيِّ.
والثاني: يقال: إنَّه مخرَّج منْقَطِع الآخر، ويقال: إنَّه منصوصٌ في حرملة التفْريعُ: إنْ قلْنا بالصحَّة، نُظِر؛ إن لم يمكن انتظارُ ما ذكره كما إذا أوقَفَ عَلَى ولده، ولا وَلَدَ له، أو عَلَى مجهولٍ، أو ميت، ثم على الفقراء، فهو في الحَالِ مصروف إلى الفُقَرَاء، وذِكْرُ الأوَّل لَغْوٌ، وإن أمكن، إمَّا انقراضاً، كما لو وقَف عَلَى عبد، ثم على الفُقَراء، وإمَّا حُصُولاً، كما لو قال وقفتُ عَلَى من سيولَدُ لي، ففيه وجهان.
أحَدُهُمَا: أنَّ الغلَّة مصروفةٌ إلى الواقف حتَّى ينقرض الأوَّل؛ لأنَّه لم يثبُت الاستحقاق التالي إلاَّ بَعْدَ الأوَّلَ، والأوَّل لا يُمْكن ثبوت الاستحقاق له فيبقى للواقف، وعلى هذا ففي ثبوت الوقف في الحال وجهان.
أحدهما: ثبت لأن نجزه ولكن يتأخر الاستحقاق، والثاني لا يثبت، بلْ هو ملك، وسبيله سبيل المعلَّق عتقه بصفة.
وأظْهَرُهُمَا: أنَّه إذا صحَّ الوقْفُ، انقطعتِ الغلة عنِ الواقف، وعلَى هذا، فثلاثةُ أوجُهٍ فيمن تُصْرَف إليه:
أَرْجَحُهَا: أنَّه يُصْرَف في الحال إلَى أقربِ النَّاسِ إلى الواقف، فإذا انقرصَ المذكورُ أوَّلاً، يصرف إلى المذكورِينَ بعده، وعلى هذا، فالقولُ في اشتراطِ الفقر وسائرِ التفاريعِ على ما سَبَق.
وثانيها: أنَّه يُصْرَفُ إلى المذْكُورِين بعْده من أوَّلِ ما وَقَفَ، كما لو كان الأول فمن لا يمكن اعتبارُ انقراضِهِ.
وثالثها: أنَّهُ للمصَالِح العامَّة.
ولو وقف عَلَى وارثه في مرضَ المَوْت ثم على الفُقَراء، وقلْنا: إنَّه غَيْرُ صَحِيحٍ، أو صحيحٌ، وردَّه باقي الورثة، فهو وقْفٌ منقطعُ الأوَّل، وكذلك إذا وقَف عَلَى معيَّن، يصحُّ الوقْفُ عليه، ثم على الفُقَراء، فردَّه ذلك المعيَّن، وقلنا بالصحيح، وهو أنَّه يرتدَّ بالردِّ.
المسألة الثانية: وهو الأولى: إِذا علَّق الوقْفَ، فقال: إذا جاءَ رَأْسُ الشَّهْرِ، أو قَدِمَ فلانٌ، فقد وقَفْت كذا، لم يصحَّ، تعليق البيعِ -والهبة-.
وعن بعض الأصحاب تخريجُهُ علَى الخلاف المذْكُور فيما إذا وقَفَ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ له، قالوا: والتصريحُ بالتعليق أولَى بالفساد والله أعلم. واعْلم، أنَّ التعليق في هذه المسْألة مُصرَّحٌ به، وفي الأُولَى ضِمْنِيٌّ، فلهذه المناسبة جمع بين المسأَلَتَيْنِ،