للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقْرَبِهِمَا مِنْكِ بَاباً" (١)، وصرفها إلى الأقارب أفضلُ؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: "الصَّدَقَةُ عَلَى المِسْكِينِ صَدَقَةٌ، وَعَلَى ذِي الرَّحِم ثِنْتَانِ؛ صدَقَةٌ، وَصِلَةٌ" (٢) وكذلك الصلةُ المفروضةُ، والكفارات، صرفها إلى الأقارب أولَى، إذا كانوا بصفةِ الاسْتحقَاق، ولم يُلْزَمْ نفقتَهُم، والأَوْلَى أن يبدأ بذي الرحِمِ المَحْرَم؛ كالإخوة، والأخوات، والأعمام، والأخوال؛ ويقدَّم منهم الأقرب فالأقرب، وألحق بعضهم الزوجَ بهؤلاء، ثم يبدأ بذوي الرحِمِ غير المَحْرَم؛ كأولاد الأعمام والأخوال، ثم بالمُحَرَّم بالرِّضَاع، ثم بالمحرَّم بالمصاهرة، ثم بالمولَى، قال في التتمة: "من الأعلَى، وَمِنَ الأسفل" ثم بالجَار، وإذا كان في البلد أقاربُ وأجانبُ مستحِقُّون، فالأقاربُ أَولَى، وإن كان الأجانب [أَقرب] دوراً وإن كان الأقاربُ خارجينَ من البلد، فإن منعنا نقل الصدقات، فالأجانب أولَى، وإلاَّ فالأقاربُ الخارجون أولَى، وكذا في أهل البادية، إذا اعتبرنا مسافة القصر، [إن كان الأجانب والأقارب دون مسافة القَصْر] (٣)، فالأقارب أولَى، وإن كانت دُورُهم أَبْعَدَ، وكذا لو كانوا جميعاً فوق مسافَةِ القَصْر، وإن كان الأجانبُ دون مسافة القَصْر، والأقارب فوقها، إن منعنا نقل الصدقات، فالأجانب أولَى، وإلاَّ فالأقارب.

ويكره التصدُّق بالرديءِ، وبما فيه شبهة، وَاسْتِحْبَابُ التصدُّقِ في شهر رمضانَ آكد (٤)؛ كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يَتَصَدَّقُ فَأَجْوَدُ مَا يَكونُ في شَهْرِ رَمَضَانَ (٥)، ومن له عيالٌ يلزمه نفقتهم، أو عليه دَيْن يحتاج إلى قضائه، فلا يستحبُّ له التصدُّقُ، وربما يقال: يُكرَهُ إلى أن يؤدِّيَ ما عليه، وما فَضَلَ عن حاجته وحاجة عياله، هل يتصدَّق بجميعه؟ حكى أبو سعد المتولِّي فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه لا يكره له ذلك، بل يستحب؛ لأن الصَّدِّيقَ -رضي الله عنه- تصدَّقَ بجميعِ ماله، والنبيُّ -صلى الله عليه وسلم- قبله منْهُ" (٦).


(١) رواه البخاري وأبو داود والبيهقي من حديث طلحة عنها.
(٢) رواه أحمد والنسائي والترمذي وابن ماجه وابن حبان والدارقطني والحاكم، من حديث سلمان الضبي، وفي الباب عن أبي طلحة وأبي أمامة رواهما الطبراني.
(٣) سقط في: ز.
(٤) قال النووي: وكذا عند الأمور المهمة، وعند الكسوف، والمرض، والسفر، وبمكة، والمدينة، وفي الغزو، والحج، والأوقات الفاصلة، كعشر ذي الحجة، وأيام العيد، ففي كل هذه المواضع هي آكد من غيرها، قال في "الحاوي": ويستحب أن يوسِّع في رمضان على عياله، ويحسن إلى ذوي أرحامه وجيرانه، لا سيما في العشر الأواخر.
(٥) متفق عليه عن ابن عباس.
(٦) أبو داود والترمذي والحاكم والبزار، من حديث عمر: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن نتصدق فوافق ذلك ما لا عندي، فقلت: اليوم أسبق أبا بكر، فجئت بنصف مالي، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ما أبقيت =

<<  <  ج: ص:  >  >>