(١) رواه أبو داود وابن حبان والحاكم من حديث جابر. (٢) قال النووي: هذه العبارة موافقة لعبارة الماوردي، والغزالي، والمتولي، وآخرين. وقال القاضي أبو الطيب، وأصحاب "الشامل" و"المهذب" و"التهذيب" و"البيان" والدارمي، والروياني في "الحلية"، وآخرون: لا يجوز أن يتصدق بما يحتاج إليه لنفقته أو نفقة عياله، وهذا أصح في نفقة عياله، والأول أصح في نفقة نفسه. وأما الدَّين، فالمختار أنه إن غلب على ظنه حصول وفائه من جهة أخرى، فلا بأس بالتصدق، وإلا، فلا يحلُّ. واعلم أنه بقي من الباب مسائل كثيرة. منها، قال أبو علي الطبري: يقصد بصدقته من أقاربه أشدهم له عداوة، ليتألَّف قلبه، ولما فيه من سقوط الرياء وكسر النفس. ويستحب للغني التنزُّه عنها، ويكره له التعرض لأخذها. قال في "البيان": ولا يحل للغني أخذ صدقة التطوع مظهراً للفاقة. وهذا الذي قاله حسن، وعليه حمل قول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الذي مات من أهل الصُفَّة، فوجدوا له دينارين، فقال: "كيتان من نار". فأما إذا سأل الصدقة، فقال صاحب "الحاوي" وغيره: إن كان محتاجاً، لم يحرم السؤال، وإن كان غنياً بمال أو بصنعه، فسؤاله حرام، وما يأخذه حرام عليه. هذا لفظ صاحب "الحاوي". ولنا وجه ضعيف، ذكره صاحب الكتاب وغيره في كتاب النفقات: أنه لا يحرم. قال أصحابنا وغيرهم: ينبغي أن لا يمتنع من الصدقة بالقليل احتقاراً له. قال الله تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] وفي الحديث الصحيح: "اتقوا النار ولو بشق تمرة" ويستحب أن يخص بصدقته أهل الخير والمحتاجين. وجاءت أحاديث كثيرة بالحث على الصدقة بالماء. ومن دفع إلى غلامه أو ولده ونحوهما شيئاً ليعطه لسائل، لم يزل ملكه. حتى يقبضه السائل، فإن لم يتفق دفعه إلى ذلك السائل، استحب له أن لا يعود فيه، بل يتصدق به، ومن تصدق بشيء، كره له أن يتملكه من جهة من دفعه بمعاوضة أو هبة. ولا بأس بملكه منه بالإرث، ولا بتملكه من غيره. وينبغي أن يدفع الصدقة بطيب نفس وبشاشة وجه، ويحرم المنّ بها، وإذا من، بطل ثوابها. ويستحب أن يتصدق مما يحبه. قال صاحب "المعاياة": لو نذر صوماً أو صلاة في وقت بعينه، لم يجز فعله قبله، ولو نذر التصدق في وقت بعينه، جاز التصدق قبله، كما لو عجل الزكاة. ومما يحتاج إليه، مسائل ذكرها الغزالي في "الإحياء". منها اختلف السلف في أنه المحتاج، هل الأفضل له، أن يأخذ من الزكاة أو صدقة التطوع؟ =