للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَلاَلٌ، كما كانت، والتي ملكها حَرَامٌ عليه؛ لأن الأقوى يدفع الأضْعَفَ، وعن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في إحدى الروايتين: أن النِّكَاحَ لا يَصِحّ، إذا تَقَدَّمَ الملك، وبه قَالَ أَحْمَدُ، وَصَحَّحَ أَبُو حَنِيْفَةَ النِّكَاحَ، لكنه قال: لا تحل المنكوحةُ حتى تُحرَّم الموطوءة على نفسه، وليُعْلَمْ لذلك قوله في الكتاب "صَحَّ النِّكَاحُ" بالحاء والميم والألف.

فرع: إذا ارتدَّتِ المنكوحةُ بعد الدخول، لم يجز نكاح أختها، ولا أربعٌ سواها إلى أنْ تنقضي العدةُ كالرَّجْعِيَّة.

قال ابنُ الْحَدَّادِ: ولو قال لها، وقد ارتدت: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً، فله في الحال نكاح أختها، الحصول البينونة بكل حَالٍ وكذا الحكم، لو ارتدت، وخالعها في الردة.

ولو كانت تحته صغيرةٌ وكبيرةٌ مدخولٌ بها، فارتدَّتِ الكبيرةُ وأُرْضعت أمُّها في عدتها الصغيرةَ وقف نكاح الصغيرة، فإِن أصرَّت الكبيرةُ، وانقضت العدة، بقي نكاح الصغيرة بحاله، وإن رجَعَتْ إلى الإِسلام، بطَلَ نكاح الصغيرة؛ لأنها صارت أختاً للكبيرة، واجتمعت معها في النكاح وفي بطلان نكاح الكبيرة قولان؛ يأتي ذكرهما في نظير المسألة في "باب الرَّضَاعِ":

أظهرهما: عند الشَّيخ أبي عليٍّ: أنه لا يبْطُل، بل هوكما لو نكح أختاً على أختٍ، لا يبطل نكاح الأُولَى، وكذلك الحكم لو كانت المرضعة أختاً للكبيرة، لاجتماعها مع الخالة في النِّكَاح، وعلى الزوج للصغيرةِ نصف الْمُسَمَّى، وللكبيرة تمامُهُ، ويرجع الزوْجُ على المرضعة بنصف مَهْرٍ مثل الصغيرة على أظَهْرِ الأَقْوَالِ، وتمامه على الآخر، وبِجَمِيعِ مهر مثل الكبيرة على أظهر القَوْلين، إذا قلنا ببطلان نكاحها.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَكَذَلِكَ لاَ يَجُوزُ الزِّيَادَة عَلَى أَرْبَعِ نِسْوَةٍ، وَتَحِلُّ الخَامِسَةُ بِطَلاَقٍ بِائنِ لِوَاحِدَةٍ مِنَ الأَرْبَع دُونَ الرَّجْعِيِّ، وَالعَبْدُ لاَ يَزِيدُّ (م) عَلَى اثْنَتَيْنِ، وَلَوْ نَكَحَ الحُرُّ خَمْساً في عَقْدَةٍ وَفِيهِنَّ أخْتَانِ بَطَلَ فِيهِمَا، وَفِي البَوَاقي قَوْلاً تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ.

قَالَ الرَّافِعيُّ: النوع الثاني: الزيادة على أَرْبَع نِسْوَةٍ، فلا يجمع الحرُّ في النكاح بين أكثر من أربع نسوة، روي أن غَيْلاَنَ أسلم وتحته عَشْرُ نُسْوَةٍ، فقال النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- "اخْتَر أَرْبَعاً وَفَارِقُ سَائِرَهُنَّ" (١)، وأن نَوْفلَ بْنَ مُعَاوَيةَ أسْلَمَ وَتَحْتَهُ خَمْسُ نِسْوةٍ فَقَال: "أَمْسِكْ


(١) أخرجه الشَّافعي [١٦٠٤] عن الثقة عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه نحوه، ورواه ابن حبان بهذا اللفظ وبألفاظ آخر، ورواه أيضاً الترمذي [١١٢٨] وابن ماجه [١٩٥٣] كلهم من طرق عن معمر، منهم ابن علية وغندر ويزيد بن زريع وسعيد وعيسى بن يونس، وكلهم من أهل البصرة، قال البزار: جوده معمر بالبصرة، وأفسده باليمن فأرسله، وقال الترمذي: قال البخاري: =

<<  <  ج: ص:  >  >>