للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحدُهُما: أَنَّهُ يَكْفِي كَالْكِتَابَةِ والتَّزْوِيجِ.

وأصحُّهما: وبه أجاب في "الشَّامِلِ" المنْع؛ لأنه لا يفيد استقلالاً، كما لا يفيده الكتابة ولا حلاًّ، للغير كما يفيده التزويج، ولا يزيل الْحِلّ، ألا ترى أنه لو أذن فيه المرتهن، جاز مع بقاء الرَّهْن، وَلَوْ بَاعَ بشرط الْخِيَارِ، فحيث يجوز للبائع الوطء، لا يُحِلُّ به الثَّانِيَةَ، وحيث لا يجوز، فوجهان، قَالَ الإِمَامُ: الوجه عندي القطْعُ بحل الأخرى، لثبوت الملك للمشتري ونفوذ تصرفاته، ولا يكفي لِحِلَّ الأخرَى الاستبراء عن الأولى؛ لأنه لا يزيل الفراش.

وقد رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -عليه السَّلاَمُ- أنه قال: "من وَطِئَ إحدى الأختين، فلا يَطَأَ الأخرَى، حَتَّى تخرج الموطوءة عن ملكه" وعن القاضي الحسَيْنِ -رحمه الله- أن القياس يقتضي الاكتفاءَ بالاستبراء لِحِلِّ الأخَرى؛ لأنه يدل على براءة الرحم، وذكر القاضي ابنُ كَجٍّ؛ أن القاضي أبا حَامِدٍ قال: غَلِطَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا فقال: إذا قَالَ حَرَّمْتهَا عَلَى نَفْسِي، حرمت عليه، وحلَّت الأخرَى، وإذا حرمها بالأسباب المعتدِّ بها، ثم عاد الحل، كما إذا باعها فرُدَّتْ عليه بعيب أو إقالَةٍ أو زَوَّجهَا، فطلَّقها الزوج أو كاتَبَها، ثم عجَزَتْ، لم يجز له أن يَطَأَهَا قبل أن يستبرئها لملكه الحادث، وإذَا استبرأها، فَإن لم يَطَأَ الثانية بعد تحريم الأولَى، فيطأ الآن أيتهما شاء، وان كان قد وطئها، لم يكن له أن يطأ التي عادت إليه، حَتّى يحرم الأخرَى على نفسه؛ لأن الثانية، والحالةُ هذه، كالأولَى في الحالة الأولَى.

فروع: الإثنان في المَوْضِع المكروه كالوطء في أن الأخرَى تحرم به، وفي اللمس والقبلة والنظَرِ بشهوة، مثل الخلاف المذكور في حُرْمَةِ المُصَاهَرَةِ، ولو ملك أختين، إحداهما مجوسيةٌ أو أخته من الرَّضاع، فوطئها بشبهةٍ، جاز له وطء الأخرَى؛ لأن الأولى محرمة، ولو ملك أُمَّاً وابنتها، ووطئ إحداهما حرمت الأخرَى على التَّأْبِيدِ، فَلَوْ وَطَئَ الأخْرَى بَعْدَهُ نُظِرَ؛ إن جهل التَّحْرِيمَ، حُرِّمَتِ الأولَى أيضاً على التَّأْبِيدِ، وإن كان عالماً، فهل عليه الحد لو وطئ الثانية قولان:

إن قلْنا: لا حُرِّمَت الأولى [أيضاً] (١) على التَّأْبِيدِ، وَإِلاَّ، فَلاَ.

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ: إذا ملك إحدى الأخْتَينِ، وطئها، أو لم يَطَأْهَا ثُمَّ نَكَحَ أختها أو عمتها أو خالتها صَحَّ النِّكَاحُ، وَحَلَّتِ الْمَنْكُوحَةُ، وحرمت المملوكة، واحتَجَّ له، بأنَّ الاسْتَفْرَاشَ وَالاسْتِبَاحَةَ في باب النِّكَاحِ أقوى؛ ألا ترى أنه يتعلق به الطَّلاَقُ، والظِّهَارُ، والإِيْلاَء واللّعَانُ، والميراثُ، وسائر الأحكام وإذا كان فراش النِّكَاحِ أَقْوَى، لَمْ يَنْدَفِعْ بالأضعف، وكذا لو كانت في نكاحه إحدْى الأختين، فملَكَ الأخرَى، فالمنكوحةُ


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>