للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتِلْك اللَّذِّةِ. قال: ويعني بغيبوبة الحَشَفة أن يشتمل الشفران، وملتقاهما عليها أمَّا إذا انقلب الشَّفْرَان إلى الباطن، وكانتِ الحَشَفة تُلاقَي ما انْعَكَسَ من البشرة الظاهرة، ففيه ترُّدُ؛ لأنَّها حصَلَتْ في حيِّز الباطن، وذكر في "التهذيب"؛ أن أَقَلَّ ما يزول به حكْمُ العُنَّة، إن كانت بكراً أن يفتضها بآلة الافتضاض، وإن كانت ثيباً أن تَغييبَ الحَشَفة، وهذا يدل على أن الافتضاض لا يحْصُل بتَغيبب الحشفة، ومن جُبَّ بعضُ ذَكَره، فغَيَّب من الباقي قَدْرَ الحشفة، فهو كتَغْييب السليم الحَشَفَة، ومنْهم من اعتبر تغييب الكُلِّ؛ لأنَّه ليس بعد الحشَفَة حدٌّ مرجوعٌ إليه، وهذا ظاهر لفظ "المختصر" ورجَّحه بعْضهم، والظَّاهر الأول.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإذَا ثَبَتَتِ العُنَّةُ إِمَّا بِإقْرَارِهِ أَوْ بِيَمِينِهَا بَعْدَ نكُولِهِ ضَرَبْنَا المُدَّةَ سَنَةً (و) للامْتِحَانِ إن طَلَبَتْ ذَلِكَ، وَإِنْ سَكَتَتْ لَمْ تُضْرِبْ، وَإِنْ حَلَفَ عَلَى أَنَّه غَيْرُ عِنِّينِ لَمْ نُطَالِبهُ بِتَحْقِيقِ ذَلِكَ بِالوَطْءِ، وَمُدَّةُ العَبْدِ كَمُدَّةِ الْحِرِّ (م)، وَمَهْمَا تَمَّتِ الِسَّنَةُ مِنْ غَيْرِ اعْتِزَالِ مِنْهَا إيَّاهُ قَصْداً رَفَعَتِ الأَمْرِ إِلَى القَاضِي لِيَفْسَخَ القَاضِي النِّكَاحَ عَلَى وَجْهٍ، أَوْ يُسَلِّطَهَا علَى الفَسْخِ علَى الفَوْرِ عَلَى الوَجْهِ الثَّانِي، وَلَوْ سَافَرَ الزَّوجُ فَفِي احْتِسَابِ المُدَّةِ وَجْهَانِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسألتان:

الأولى: إذا وجدتْ زوْجَها عنيناً، فرفعتْه إلى القاضي، وادَّعتْ عُنَّته، نُظِر؛ إن أَقَرَّ بها، أو أقامت بينةً علَى إقراره، ثبتت العُنَّة، وإن أنكر، حلف [فإن حلف لم يطالب] (١) بتحقيق ما يقوله بالوطء، وامتنع الفسخ، ويعود ما مر أنَّه، هلْ يطالَبُ بوطأةٍ واحدة، وإن نكل فوجهان:

أحدهما: وبه قال أبو إسْحَاقَ: لا تردُّ اليمين عليها؛ لأن الامتناع عن الجماع قد يكون لعجز، وقد يكون لغيره، ولا اطِّلاع لها عليه، ولذلك لا تسمع الشهادة عَلَى نفس العُنَّة، وعلى هذا، فعن الإِصطخريِّ فيما حكاه أبو الفرج السرخسيُّ؛ أنه تضرب المدَّة [وتجعل الصورة] (٢) من الصُّورة التي يُحْكَم فيها بالنكول.

وأصحُّهما: أنها تُردُّ، ولها أن تَحْلِفَ إذا بانَت لها عُنَّته بقرائِنِ الأحوال وطُول الممارسَة، ويخالف الشَّهادة، فإنَّ الشهود لا يعْرِفون ما تعرفه، وهذا إذا ادَّعَتْ أنه نوى الطَّلاق ببعض الكنايات، وأنكر، ونكَل، تحْلِف المرأة، وعلى هذا الوجْهِ يَسْتمرُّ قوله في الكتاب: "وإذا ثبتت العُنَّة" إلى آخره، وحكى أبو الفرج؛ أن تحليف الزوج لا يُشْرع


(١) في ز: لم يطلب.
(٢) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>