للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالواو لما مَرَّ، وإذا رضيت بالمقام تحته بعد مضيِّ المدة، سقَط حقُّها من الفسخ، ولا رجوعَ لها إلَيْه، كما إذا رضِيَتْ بسائر العيوب، أو رَضِيَ المشتري بالعَيْب، وليس كما [لو تركت] (١) المطالبةَ في الإيلاء، لها أن تعود إلى المطالبة، وكذا لو رَضِيَتْ بإعسار الزوج، ثم بدا لها أن تَفْسَخ، فلها الفسخ؛ لأن الضَّرَرَ يتجدَّد كلَّ يوم لبقاء اليمين، وقصد المضارَّة، والنفقة تَجِبُ يوماً يوماً، فالرِّضَا في الحال لا يؤثر في النفقات المستقبلَةِ، والعُنَّة عيْبٌ واحدٌ لا يتوقَّع زوالُها إذا تحققَّت، وإذا قسمّت في أثناء المُدَّة لم ينفذ، وَإِلاَّ، لم تتحقق فائدةُ الإِمهال، فإن أجازت ورَضِيَت بالمقام في المدَّة، أو قبل ضرْب المدَّة، فقولان:

أحدُهُما: وُينْسَب إلى القديم: أنه يبطل حقُّها من الفسخ؛ لأنها تزعم العِلْم بالعيب.

وأصحُّهما: المنْع وثبوتُ الخيار بعد المدة؛ لأن الحقَّ حينئذٍ يثبت فالرضا قبله، كإسقاط الشفْعة قبل جريان البَيْع، وإن رَضيت بعْد انقضاء المدَّة، ثم طلَّقها الزوج طلاقاً رجعياً، ثم راجَعَها، لم يعُدْ حق الفسخ؛ لأنها قد رضيت بعنته في ذلك النكاح، واعترض المزنيُّ بأن الرجْعَةَ تعْتمدُ العدَّةَ، والعدةَ تعتمد الوطءَ، وبالوطءُ يزول حكم العُنَّة، وأجاب الأصحاب، بأن العدَّة قد تجبُ من غير جريان الوطء المزيلِ للعُنَّة، وذلك بأن يستدخل ماءَه، أو يأتيها في غير المَاْتَى، فتجب العدَّة، وتثبت الرَّجعة، وحكم العُنَّة باقٍ، وكذا الخلوة توجِبُ العدة، وتثبت الرجْعَةَ عَلَى قوله القديم فلعل المسألة مفرَّعة على القديم، ولو بانَتْ بانقضاء العدَّة، أو كان الطَّلاق بائناً، أو فسَخَتِ النكاح، ثم نكَحَتُه ثانياً، ففي تجدُّد حقِّ الفسخ قولان:

أحدهما: لا؛ لأنها نكحته عالمةً بالعُنَّة.

وأصحُّهما: نعم؛ لأنه نكاحٌ جديدٌ، فيتوفر عليه، حكمه وتضرب المدَّة ثانياً، ويقال: إِن الأول من القولين قديمٌ، والثاني جديد، وبنى القولين جماعةٌ على قولَيْ عود الحِنْث، ولم يرتضه المحقِّقون؛ لأن هناك جرى في النكاح الأوَّل تعليقٌ أو ظهارٌ أو إيلاءٌ [ووقعت آثارها] (٢) وعواقبُها في النكاح الثَّاني، وههنا أسقطت الزوجَةُ حقَّها في النكاح الأوَّل، واستوفَتْه بالفَسْخ، ولم يبْق منه عُلقْة أصلاً، وأجرى صاحب "الشامل" وغيره القولَيْن فيما إذا نكح امرأةً ابتداءً، وأعلمها أنه عِنِّينٌ وفي "التهذيب" حكايةُ طريقَيْن فيما إذا نكح امرأةً ابتداءً، وهي تَعْلَم أنه حكم بُعنَّته في حق امرأة أخْرَى.

أحدهما: إجراء القولَيْن.


(١) في ز: إذا نزلت.
(٢) في ز: وقفت أيا.

<<  <  ج: ص:  >  >>