للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: القطْعُ بثبوت الخيار؛ لأنه قد يَعْجز عن امرأة، ويَقْدِر على أخْرَى، ولو نكح امرأةً وأصابها، ثم أبانها، ثم نكَحَها وعُنَّ عنْها، فلها الخيار بلا خلافٍ؛ لأنها نكحته غَيْرَ عالمةٍ بعُنَّتهِ.

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَمَهْمَا تَنَازَعَا فِي الإِصَابَةِ فَالقَوْلُ قَوْلُهَا، وَلأَنَّ الأَصْلَ عَدَمُ الإِصَابَةِ إِلاَّ في مَوْضِعَيْنِ: (أَحَدُهُمَا) فِي مُدَّةِ العُنَّةِ وَالإِيلاَءِ فَإِنَّ القَوْلَ قَوْلُهُ إِذْ تَعَسَّرَ إِقَامَةُ البَيِّنَةِ عَلَى الوَطْءِ، فَإِنْ أَقَامَتِ البَيِّنَةَ عَلَى البَكَارَةِ رَجَعْنَا إِلَى تَصْدِيقِهَا باليَمِينِ (الثَّانِي) لَوْ قَالَتْ: طَلَّقْتَنِي بَعْدَ المَسِيسِ وَلِي كَمَالُ المَهْرِ فَأَنَكَرَ فَالقَوْلُ قَوْلُهُ، إلاَّ إِذَا أَتَت بِوَلَدٍ لِزَمَانٍ مُحْتَمَلٍ فَإِنَّا نُثْبِتُ النَّسَبَ فَيَتَأكَّدُ بِهِ جَانُبُهَا فَنَجْعَلُ القَوْلَ قَوْلَهَا، إِلاَّ إِذَا لاَعَنَ فَنَرجِعُ إِلَى تَصْدِيقِهِ إِذِ الأَصْلُ عَدَمُ الوَطْءِ،

قَالَ الرَّافِعِيُّ: قال الأئمة؛ إذا اختلَفَ الزَّوْجان في الإِصَابَة، فالقَوْل قولُ من يَنْفِيها أخْذاً بأصْل العَدَم إلاَّ في ثلاثة مَوَاضِعَ:

أحدها: إذا ادَّعَتْ عُنَّته، وقال الزوْج: قد أَصَبْتُها، فالقولُ قولُه مع يمينه، سواءٌ كان ذلك بعد مضيِّ المدة أو قبله، ووجْهُ ذلك بِأنَّ إقَامَةَ البيِّنة على الوطء عسيرةٌ، والأصل سلامة الشخْص ودوام النكاح، وهي تدَّعي قيام ما ترْفَعُه، فاقتضَى مجْموعُ ذلك تصدِيقَه، ولا فَرْقَ في ذلك بَيْن أن يكون الرجُلُ خَصيّاً، أو مقْطُوعَ بعْض الذَّكَر، والباقي بحَيث يُمكَنَّ من الجماع به؛ لكنها ادَّعتْ عجْزَه، وبين أن يكون سليماً، وعن أبي إِسْحَاقَ في الخصيِّ ومقطوعِ بعْضِ الذَّكَر؛ أن القول قولُ المرأة مع يمينها إلا أن النقصان الذي لَحِقه يُورث ضَعْف الذَّكَر، ويقوي جانبها، ولو اختلفا في أن الباقِيَ من الذَّكَر، هل يمكن الجماعُ به فالذي ذكره الأكثرون القَطْعُ بأنَّ القول قولُها؛ لزوالِ أصل السلامة، وقال في "الشامل": ينبغى أنْ يرى أهل الخبرة، ليعرفوا قدره ويخبروا عن الحال، كما لو ادَّعت أنَّه مجنون، وَأنْكر، قال في "التتمة": وهو الصحيح، فلو أَدَّعت عَجْزه بعد مضيِّ السَّنَّةِ، وَادَّعى الزَّوْجُ أنَّهَا امْتَنَعَتْ، ولم تُطَاوْعه، فإِنْ كَانَ لأَحدهما بينة، حكم بها، وإلاَّ فَاَلْقَوْلُ قول الزوْج؛ لأَنَّ الأَصَلِ دوام النكاح، فإذا حلف، ضَرَب القاضي المدَّة ثانياً. وأسكنهما في دار قوم ثقات يتفقدون حالهما، فإذا مضت السنة اعتمد القاضي قول الثِّقات، وجرى [عليه كذا] (١) ذكره الشيخ المتولي.

الثاني: إذا طالبته في الإِيلاءِ بالفيأه أو الطَّلاَقِ، فقال: قد أصبتها، فالقول قوله: استدامةً للنكاح ولو أنها في الَموضعَيْن قالت: أنا بكْرٌ كما كنْتُ، قَالَ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>