للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهُ عَنْهُ-: أُرِيهَا أربعاً من النساء عدولاً، وذلك دليلٌ على صدقها، وإن شاء، أحلفها، ثم فُرِّقَ بينهما، وظاهرُ هذا النَّظْم هو قولُ جماعةٍ من الأصحاب تَعْرِيضاً وتصْريحاً؛ أنه إذا قامت البينةُ، فشهد أربعُ نسوةٍ على أنَّها بكْرٌ يحكم بعد الإِصابة، ولا حاجة إلى تحليفها، وتكفي البكارة دليلاً على تصْدِيقها، قال هؤلاء: وقوله: "إن شاء أحلفها" معْنَاه؛ أنَّه لو قَالَ بعْد قيام البينة: قد أصبتُهَا لكنْ لم أبالغ، فعادَتِ البكارةُ، وطلَبَ يمينها، تُسْمَع دعواه، وتَحْلِف، فإن لم يدع شيئاً، لم تحلف، وقال أبو علي في "الإِفْصاح" وأبو الحُسَيْن في "المجموع" والقاضي ابنُ كَجٍّ في شرحه: تحلف الزوجةُ مع قيام البينة على البكَارَة؛ لأنَّ البكارة، وإن ثبتت بالبينة، فاحتمالُ الزوال والعَوْدِ قائمٌ، وإن لم يدَّع الزوج، فلا بدّ من الاحتياط، وبهذا أخذ الإِمام وصاحب الكتاب وغيرهما.

فإذا حلفت بعد دعواه أو دُونَها، فتحلف على أنه لم يُصِبْها، أو على أنَّ بكارتها هي البكارةُ الأصليَّة، ولها حقُّ الفسخ بعْدَ يمينها، وإن نكَلَتْ، حلف الزوج، وبَطَلَ الخيارُ، وإن نكل الزوج أيضاً، ففيه وجهان، خرَّجهما الشيخ أبو عليٍّ صاحب "الإِفصاح":

أصحهما: أن لها الفسخ، ويكون نكولُه كحلفها؛ لأن الظاهر أن بكَارَتَها هي البكارةُ الأصليَّةُ.

والثاني: المنع؛ لأنّ ما قاله يحتمل، والأصل دوام النكاح.

الموضع الثالث: إذا قالتِ المرأة: طَلَّقَنِي بعد المسيس، ولي كمالُ المهر، وقال الزوْج بل قبله، وليس لك إلاَّ شطْرُ المهر، فالقول قولُ الزوْج جرياً على الأصل، وعليها العدَّةُ مؤاخذةً لها بقولها، ولا نفقة لها، ولا سُكْنَى، وللرجلِ أن ينكح ابْنَتَهَا وأخْتَهَ وأرْبَعاً سواهَا في الحال، ثم لوِ أتت بولدٍ لزمانٍ محتملٍ يُثْبِتُ النسب، وُيقَوِّي ذلك جانبها، فيرجع إلَى تصديقها، وتطالِبُ الزوْجَ بالشطْر الثاني، ولا بدَّ من يمينها؛ على ما ذكره الإمام والعبَّاديُّ؛ لأن ثبوت النسب لا يُورِث يقين الإِصابة، ويمكن أن يجيء فيه الخلاَفُ المذكُورُ فيما إذا ظَهَرت البَكَارَةُ، وهذه الصورة هي محلُّ الاستثناء عن تصديق النافي، فإن لاَعَنَ الزوجُ، ونفي الولدُ، فقد زال المرجِّح، فيعود إلى تصديقه، [ويستمر الأمر] (١) على ما تقدَّم، وحيث قلنا: إِن القول قولُ مَنْ ينفي الإِصابة، فذلك إذا لم يُسلِّم جريان الخلوة، فإن سلَمه فقولان:

أَصَحُّهُمَا: أن الجواب كذلك: والثَّانِي: أنَّه يصدق المثبتُ ترجيحاً بالخلوة، فَعَلَى هذا؛ تنضم هذه المسألة إلى مواضع الاستثناء عن تصدْيق النافي، وتصير


(١) في ز: ويسمى.

<<  <  ج: ص:  >  >>