للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسائل (١) أربعةً. وقوله في الكتاب "إلاَّ في موضعَيْن" لا يخالف ما حكيناه عن الأئمَّة، وهو استثناءُ ثلاثة مواضعَ لكنه جمع بين الأول والثاني في قرن واحد.

وقوله: "إنَّ القوْلَ قوْلُه" يجوز أن يعلم بالميم؛ لأن ابن المنذر حكَى عن مالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في العُنَّة؛ أنه يجمع بينهما في بَيْتٍ وتراقبها امرأةٌ من وراء حجاب، فإذا قام الرجُل عنها، نظَرَت المرأةُ إليها، فإن وجدت رطوبةَ المنيِّ، فحينئذٍ يُصدَّق في الرجلُ، وبالأَلِفِ؛ لأن عن أحمد ثلاثَ رواياتٍ:

أحدها: أن يجمع بينهما في بَيْتٍ، ويؤمر بأن يُرِيَنَا ماءه على قُطْنة ونحوها، فإن فعل، فحينئذٍ نصدِّقُه.

والثانية: أن القول قول الزوجة مطلقاً.

والثالثة: مثل مذهبنا.

ونختمُ فصْل العُنَّة بصور امرأة الصبيِّ والمجنونِ، إذا ادَّعت العُنَّة، لم تسمع، ولم تضرب المدَّة؛ لأن الصبيَّ لا يجامع لِصِغَرِه غالباً ولأن الفسخ يعتمد إقرار الزَّوْج بالعُنَّة أو نكوله عن اليمين، ولا اعتبار بقولهما؛ ولأن الصبيَّ ربما يدعي الإِصابة بعْد البلوغ، والمجنون يدَّعيها بعْد الإِفاقة.

ونقل المُزَنِي: أن، إن لم يجامعها الصبيُّ، أُجِّلَ، ولم يثبْتُه عامة الأصحاب قولاً آخر، وقالوا: إنه غَلَطٌ، والذي قاله الشَّافِعِيُّ -رَضِي اللهُ عَنْهُ- في "الأم" والقديم؛ فإن لم يجامعها الخَصِيُّ، أُجِّل، فوقع في اللفظ تحريفٌ، وما اذكره في الخصيِّ جواب على أن الخصاء لا يثبت الخيار أو مفروض فيما إذا رضِيَتْ بكونه خَصِيَّاً، ووجدتُهُ مع ذاك عِنِّيناً، وإلاَّ، فالخيار في الخصاء، لا تأجيل فيه كخيار الجَبِّ.

وحكى الحَنَّاطِيُّ وجهاً: أن المراهِقَ الذي يتأتَّى منه الجماعُ تُسْمَع دعوى العُنَّة عليه، [وتضرب] (٢) له المدَّة، وبه قال المزنيُّ، وهو ضعيفٌ، ولو جُنَّ الزوجُ في أثناء


(١) قال النووي في زوائده: عجب قول الإمام الرافعي رحمه الله: فيما إذا أتت بولد لزمن محتمل أنها المصدقة ويمكن أن يجيء فيه الخلاف، والمسألة مشهورة، ففي "المهذب" و"التنبيه" وغيرهما من الكتب المشهورة، في المسألة قولان، في أن القول قولها، أم قوله؛ لأن النسب يثبت بالإِمكان، ولأنه قد يولج بعض الحشفة أو يباشر فيما قارب الفرج فيدخل المني فيلحق النسب ولا وطء. والله أعلم.
واعترض على النووي بأن بحث الرافعي إنما هو في يمينها لا في تصديقها فإنه ذكره عقب ذكر يمينها وصرح بذلك أيضاً في الشرح الصغير، وقد حكى الرافعي الخلاف في تصديقها في آخر الإِيلاء.
(٢) في ز: وتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>