للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السنة، ومضتِ السنَةُ، وهو مجنون، وطلبت الفرقة، لم تُجَب؛ لأنَّه لا يصحُّ منه الإقرار، وإذا مضتِ السنةُ، فقالت: قد أجَّلْته شهراً أو سنةً أخرَى، ذكر بعض الأَصحاب، منْهم أبو الحُسَيْن بنُ القطَّان؛ أنَّ لها ذلك، ولها أن تَعُود إلى الفسخ متى شَاءَتْ، كَما إذا أمهل بعد حلول الأجل، لا يلزم الإِمهال، والصحيحُ أنه يبطل حقُّها بهذا التأخير؛ لأنه على الفور.

ولا مهر عند الفسخ بالعُنَّة، فإنه فسخ قبل الدخول على ما بيَّناه في الفسخ بسائر العيوب، وعن صاحب "التقريب": أن الإصطخريَّ حكى قولاً آخر؛ أنه يجبُ عليه كمالُ المهر؛ لأنَّها كانت تستحقُّ عليه أن يكون بصفةِ من يُتصوَّر منه تكميلُ المهر، وقولاً آخر؛ أنه يجب نصْفُ المهر، وهذا تمامُ القِسْمِ الرَّابع.

قَالَ الغَزَالِيُّ: (الْقِسْم الَخَامِسُ مِنَ الْكِتَابِ في فُصُولٍ مُتَفَرِّقَةٍ) وَهِيَ سِتَّةٌ:

(الْفَصْلُ الأوَّلُ فِيمَا يَحِلُّ للِزَّوْجِ) وَيَحِلُّ لَهُ كُلُّ اسْتِمْتَاعِ إلاَّ الإتْيَانِ في الدُّبُرِ، وَالصَّحِيحُ جَوَازُ العَزْلِ، وَقِيلَ بِتَحْرِيمِهِ في الحُرَّةِ دُونَ الأَمَةِ، وَقِيلَ: إِنَّمَا يَحِلُّ بِرِضَاهَا، وَلاَ خِلاَفَ فِي جَوَازِهِ فِي السُّرِّيَةِ، ثُمَّ الإتْيَانُ في الدُّبُرِ فِي مَعْنَى الوَطْءِ في جَمِيعِ الأحْكَامِ إلاَّ في التَّحْلِيلِ (و) وَالإِحْصَانِ، وَاختَلَفُوا في تَعَلّقِ النَّسَبِ وَتَقْرِيرِ المُسَمَّى وَوجُوبِ الْحَدِّ وَفِي اسْتِنْطَاقِهَا في النِّكَاحِ وَلَمْ يَخْتَلِفُوا في وُجُوبَ مَهْرِ المِثْلِ في النِّكَاحِ الفَاسِدِ، وَكَذَا في العِدَّةِ وَتَحْرِيمِ الْمُصَاهَرَةِ بِهِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: معْظَمُ مسائِلِ الفصل قد اندرج في معاقد الأَقسام الأربعة، وبقِيَتْ فصولٌ شاذَّةٌ فجمعها في القسم الخامس:

الفصل الأوَّل: فيما يحلُّ للزوج من الاستمتاعات، وفيه مسائل:

المسألة الأولى: لا يمنع من شيء من الاستمتاعات إلا النَّظَر إلى الفرج، ففيه خلاف مذكور في "كتاب النكاح" وإلاَّ والإِتيان في الدُّبُر، فإنه حرامٌ؛ لما رُوِيَ أَنه سُئِلَ رَسُولُ الله -صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: "في أَيِّ الخَرْمَيْنِ؛ أَمِنْ دُبُرِهَا فِي قُبُلِهَا، فَنَعَمْ أَمْ مِنْ دُبُرِهَا في دُبُرِهَا، فَلاَ، إِنَّ الله تَعَالى لا يَسْتَحْيي مِنَ الْحَقِّ، [لاَ تأتوا النِّسَاءَ في أَدْبَارِهِنْ] (١) والخرمة، الثقبة، وقوله "لا يستحْيي من


(١) أخرجه الشَّافعي [١٦١٩] من حديث خزيمة بن ثابت: أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن إتيان النساء في أدبارهن، أو إتيان الرجل امرأته في دبرها فقال: حلال، فلما ولي دعاه أو أمر به فدعي، فقال: كيف قلت؟ في أي الخربتين أو في أي الخرزتين أو في أي الخصفتين؟ أمن دبرها في قبلها فنعم، أم من دبرها في دبرها فلا، إن الله لا يستحيي من الحق، (لا تأنوا النساء في أدبارهن) =

<<  <  ج: ص:  >  >>