للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: "ولم يختلفوا" إلى آخره يقتضي القطع بوجوب العدة وثبوت حرمة المصاهرة، لكن الخلاف ثابت فيهما، كما عرفت، فأما أن يُحْمَلَ ما ذكره على طريقة أخرى، وإما أن يتأول.

المسألة الثانية: العزل أن يجامع، فإذا جاء وقْتُ الإِنزال، نزع، فأنزل خارج الفَرْج، والأَوْلَى تركه على الإِطلاق، وأطلق في "المهَّذب" أنه مكروه، ولا خلاف في جوازه في السَّرِيَّة صيانةً للملكَ، وفي الحرَّةِ المنكوحةِ طريقان:

إحداهما: أنها إنْ لم تأذَنْ، لم يُجْز، لما رُويَ عن ابن مسْعُود -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وابن عباس -رضي الله عنهما- أنهما قالا: "تُسْتَأْذَنُ الْحُرَّةُ فِي العَزْلِ" (١) وَإِنْ أَذِنَتْ، فوجهان:

أحدهما: المنع أيضاً؛ لما رُوِيَ عن النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنَّه قَالَ في الْعَزْلِ "إِنَّهُ الْوَأْدُ الْخَفِيُّ" (٢).


= من قول أهل الحجاز خمس، ومن قول أهل العراق خمس، من أقوال أهل الحجاز: استماع الملاهي، والمتعة. وإتيان النساء في أدبارهن، والصرف، والجمع بين الصلاتين بغير عذر، ومن أقوال أهل العراق: شرب النبيذ، وتأخير العصر حتى يكون ظل الشيء أربعة أمثاله، ولا جمعة إلا في سبعة أمصار، والفرار من الزحف، والأكل بعد الفجر في رمضان، وروى عبد الرزاق عن معمر قال: لو أن رجلاً أخذ بقول أهل المدينة: في استماع الغناء، وإتيان النساء في أدبارهن، ويقول أهل مكة: في المتعة، والصرف، وبقول أهل الكوفة: في المسكر، كان شر عباد الله، وقال أحمد بن أسامة التجيبي نا أبي سمعت الربيع بن سليمان الجيزي لقول: أنا أصبغ قال: سئل ابن القاسم عن هذه المسألة وهو في الجامع، فقال: لو جعل لي ملء هذا المسجد ذهباً ما فعلته، قال ونا أبي سمعت الحارث بن مسكين يقول: سألت ابن القاسم عنه فكرهه لي، قال: وسأله غير فقال: كرهه مالك.
(١) قال الحافظ: أما أثر ابن مسعود: فرواه ابن أبي شيبة من طريق يحيى بن أبي كثير عن سوار الكوفي عنه، قال: تستأمر الحرة، ويعزل عن الأمة، وأما أثر ابن عباس: فرواه عبد الرزاق والبيهقي [٧/ ٢٣٠] من طريق عطاء عنه، قال: نهى عن عزل الحرة، إلا بإذنها، ورواه ابن أبي شيبة من طريق إين أبي مليكة عنه: أنه كان يعزل عن أمته، وفيه عن ابن عمر أنه قال: يعزل عن الأمة، ويستأذن الحرة، وعن عمر مثله، رواهما البيهقي، وفيه ابن لهيعة وهو معروف، وروي مرفوعاً أخرجه ابن ماجة من طريق المحرر بن أبي هريرة عن أبيه، عن عمر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن أن يعزل عن الحرة إلا بإذنها، وفيه ابن لهيعة، قال الدارقطني في العلل: وهم فيه، والصواب عن الزهري عن حمزة عن عمر، ليس فيه ابن عمر.
(٢) أخرجه مسلم [١٤٤٢] من رواية جدامة بنت وهب في حديث، والظاهر أنه منسوخ، فقد روى أصحاب السنن من حديث أبي سعيد قال: قيل لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-: إن اليهود زعموا أن العزل الموءودة الصغرى، فقال: كذبت يهود، لو أراد الله أن يخلقه لم يستطع أن يصرفه، ونحوه للنسائي عن جابر، وعن أبي هريرة، وجزم الطحاوي بكونه منسوخاً وتعقب، وعكسه ابن حزم.

<<  <  ج: ص:  >  >>