للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثاني: الجواز؛ لما رُوِيَ عَنْ جَابِرٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: "كُنَّا نَعْزِلُ، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَلَمْ يَنْهَنَا" (١).

وأظهرهما: أنه يجوز، إن رضيت لا محالَة، وإلاَّ، فوجهان:

أحدهما: المنعُ، لكيلا يتنغص عليهما الاستمتاعُ.

والثاني: الجواز؛ لأن حقَّها في الوطء دون الإنزال؛ ألا تَرَى أنه يقطع المطالبة في دعْوَى العُنَّة بمجرَّد الوطء، وهذا أصحُّ عند صاحب الكتاب، وإن كانتِ المنكوحةُ أمةً، فإن جوَّزنا العزل في حق الحُرَّة، ففي حقِّها أولَى، وإن منعناه في حقها، فوجهان:

أحدهما: أنها مستفرشةٌ بالنكاح صاحبةُ حقٍّ في الاستمتاع، فتكون كالحرَّة.

وأصحُّهما: الجوازُ تحُّرزاً عن رِقِّ الولد، وإذا اختصَرْتَ، قلتَ: في [العزْلِ] (٢) أوجهٌ: الجوازُ المطلق، [و] تخصيص الجواز بالأمة، [و] تخصيص الجواز بحالة الإِذْن، وهذه الثلاثةُ مذكورةٌ في الكتاب.

والرابع: المنْعُ المطْلَقُ.

والمستولدة، رتَّبها المرتِّبون على المنكوحة الرقيقة، وهذه أولَى بالمنع؛ لأنَّ الولد حرٌّ، وآخرون على الحُرَّة والمستولدة أَوْلَى بالجواز؛ لأنَّها ليْسَتْ راسخةً في الفراش، ولهذا لا تستحقُّ القسم، وهذا أظهر، قال الإِمام -قدس الله رُوحَهُ-: وحيث قلْنا بالتحريم، فَذَاكَ، إذا نزع على قصْدِ، أن يقع الإِنزال خارجاً؛ تحرُّزاً عن الولد، فأمَّا إذا عنَّ، له أنْ ينزع لا علَى هذا القصد، فيجب القَطْع بأنه لا يحْرُم.

هذا شرح ما يشتمل عليه الكلام في الفصل.

المسألة الثالثة: الاستمناءُ بالْيَدِ، نُقِلَ عن أَحْمَدَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- الترخيصُ فِيه، وذكر القاضي ابن كج أنَّ فيه توقفاً في القَدِيم، والمذْهبُ الظاهرُ تحريمُه؛ لما رُوِيَ أنَّهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "مَلْعُونٌ من نَكَحَ يَدَهُ" (٣) واحتج له أيضاً بقوله تعالَى: {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ} إلَى قوله: {فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ} [المؤمنون: ٧] وهذا مما وراء ذلك، ويجوز أن يَسْتَمِنْيَ بيد


(١) مسلم باللفظ المذكور، بلفظ: أخرجه البخاري [٥٢٠٧ - ٥٢٠٨ - ٥٢٠٩]، مسلم [١٤٤٠] بلفظ: كنا نعزل، والقرآن ينزل.
(٢) في ز: القول.
(٣) ذكره الأزدي في الضعفاء، وابن الجوزي من طريق الحسن بن عرفة في جزءه المشهور، من حديث أنس بلفظ: سبعة لا ينظر الله إليهم، فذكر منهم، الناكح يده، وإسناده ضعيف، ولأبي الشيخ في كتاب الترهيب من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي، وكذلك رواه جعفر الفريابي من حيث عبد الله بن عمرو وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف.

<<  <  ج: ص:  >  >>