للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحُرْمة الأبوة وشبهة الملك، ولا يختلفُ هذا المعْنَى بالإِعسار واليَسَارَ، وهناك يثْبُت الاستيلاد في نصيب الشَّريك لدفْع الضَّرَر عنه، فلو نفَّذناه في حالة الإِعْسَار، لعلَّقنا حقه بذمة ضر أب وهو ضرر أيضاً، فلم يَزُلِ الضررُ بالضرَرِ.

التفْريعُ: إنْ فرَّقنا بين أن يكون مُوسِراً أو مُعْسِراً، فإذا كان موسراً، قال الإِمام: يجب أن يخرَّج عَلى الأقوال الثلاثة في تعجيل الاستيلاد أو تأخيره إلَى أداء القيمة، أو التوقُّف كما في سراية العتْق من نصيبٍ إلى نصيبٍ، وإن قلْنا: لا يثبتُ الاستيلاد فَعَلَى الأَب قيمةُ الوَلَد باعتبار يَوْم الانفصال، إنِ انفصل حيّاً؛ لأن الرِّقَّ اندفَعَ بسببه، وإنِ انفصل ميِّتاً، فلا شيْء فيه، وهذا كما قدَّرنا في ولد المغْرُور، ولا يجوز للابن بيع الجارية، ما لَمْ تضَعِ العمل؛ لأنَّها حامل بحُرٍّ، وهل على الاْب قيمتُها في الحال، ثم يستردُّ عند الوضْع؟. فيه وجهان:

أحدهما: نعَمْ للحيلولَة الحاصِلَة.

وأصحُّهما: على ما ذكره صاحب "التهذيب" وغيره: لا؛ لأنَّ يده محتويةٌ عليها، وهو منتفعٌ بها بالاستخدام وغيره، بخلاف ما إذا أبق العبدُ من يد الغاصب، وهذا الحكْمُ في الجارية المغرورِ بحُرِّيَّتها، والموطوءة بشبهَة إذ أَحْبِلتَا، ولو ملك الأب هذه الجاريةَ يوماً من الدهر، هل تصير أمَّ ولدٍ؟ فيه قولان معْروفان، فإنْ جعلْناها أمَّ ولد، فيجب على الأب قيمةُ الجارية مع المهر، كما إذا استولد أحَدَ الشريكَيْن الجارية المشتركة، يجِبُ عليه نصف القيمة مع نصْف المهر، وعند أبي حنيفةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لا مهْرَ على الأب إذا وجبت القيمة، وإذا اختلفا في قيمة الجارية فالقَوْل قول الأب الغارم، ومنْهم من جعله على قولَيْن، كما [لو اشترى] (١) عبدَيْن، وتلف أحدُهما، ووَجَدَ بالآخر عيباً، وقلْنَا له: ردّه، واختلفا في قيمة التالف، ومتَى ينتقل الملك في الجارية إِلى الأب؟ فيه وجوه:

أحدها: أنه ينتقل قبيل العُلُوق؛ ليكُونَ مسْقط مائه ملكاً له، صيانةً لحُرْمَتِهِ، وهذا ما أورده في "التَّهْذِيبِ".

والثاني: وهو الذي ارتَضَاه الإِمَامُ؛ أنه ينتقلُ مع العُلُوق؛ لأن العُلُوق هو علَّة نقْلِ المِلْك، والمعلولُ يساوق العلة.

والثالث: ينتقل إلَيْه بعد العُلُوق؛ لأن الضرورة حينئذٍ تتحقَّق وعلى هذا، فوجهان نَقَلَهُمَا الحَنَّاطِيُّ:


(١) في ز: إذا أسرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>