للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّزْعُ عِنْدَ تَغْيِيبِ الحَشَفَةِ* وَقِيلَ: يَحْرُمُ بِهِ الوَطْءُ لأَنَّ النَّزْعَ مِنَ الجِمَاعِ* وَلَوْ قَالَ لِغَيْرِ المَدْخُولِ بِهَا: إِنْ وَطِئْتُكِ فَأَنْتِ طَالِقٌ وَاحِدَةً وَقَعَ بِالوَطْءِ طَلْقَةٌ رَجْعِيَّةٌ لاِقْتِرَانِ المَسِيسِ بِالطَّلاَقِ* وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُكَ فَضَرَّتُكِ طَالِقٌ فَهُوَ مُوَلٍ* فَإنْ مَاتَتِ الضَّرَّةُ انْحَلَ الإِيلاَءُ* وَإِنْ أَبَانَهَا فَكَمِثْلِ* وَإِنْ جَدَّدَ نِكَاحَهَا وَقُلْنَا: يَعُودُ الحِنْثُ فَيَعُودُ الإيلاَءُ وَتُبنَى العِدَّةُ عَلَى مَا مَضَى فَلاَ تُسْتَأْنَفُ* وَلَوْ قَالَ: إنْ وَطِئْتُ إحْدَاكُمَا فَالأُخْرَى طَالِقٌ وَأَبَى الفَيْئَةَ فَلِلْقَاضِي أَنْ يُطَلِّقَ إِحْدَاهُمَا عَلَى الإِبْهَامِ ثُمَّ عَلَى الزَّوْجِ أنْ يُبَيِّنَ مَا نَوَى أَوْ يُعَيِّنَ* وَقِيلَ: لاَ يَصِحُّ دَعْوَاهُمَا مَعَ الإِبْهَامِ.

قَالَ الرَّافِعِيُّ: هذا الفصْل فيما إذا علَّق بالوطء الطلاق، فأمَّا طلاق الموطوءة أو طلاق زوجة أُخْرى، فقد ذكرنا أنه ينعقد به الإيلاء على القول الجديد، وفي الفَصْل صُورٌ:

إحداها: إذا قال: إن وطئتك، فكنت طالقٌ أو فأنت طالقٌ ثلاثاً، فيطالب بعد مُضيِّ المدة، وَبِمَ يطالب؟ فيه وجهان:

أحدهما، وهو قول ابن خيران: أنه يُطالَب بالطلاق على التعيين، ويمتنع من الوطء؛ لأن الطلاق يقَع بعد تغيب الحَشَفة، والنزع يقع بعد وقوع الطلاق، وأنه نوع استمتاع، ولا يجوز الاستمتاع بالمطلَّقة، وأيضاً فإنه لا يتأتى وصْل النزع بآخِر التغيب، بل يقع بينهما فصْلٌ، وهي في تلك الحالة محرَّمة عليْه، وأيضاً فإن الصائم إذا خشي طلوع الفجر ووقوع النَّزْع بعد الطلوع، يمنع من الوطء، فكذلك هاهنا.

وأظهرهما، وقد نَصَّ عليه: أن يُطَالب بالفيئة أو الطلاق.

وقال في "الوسيط" ويبيَّن أن عليه النزع، كما غابت الحشفة، ولا يمنع من الوطْء بتعليق الطلاق [به] (١)؛ لأن الوطء يقع فيْ النكاح، والذي يقع بعد وقوع الطلاق هو النزع، والنزع تَرْك الجماع والخروج عن المعصية، وشُبِّه ذلك بما لو قال لغيره: ادْخُلْ دارِي، ولا تقم فيه، يجوز له الدخول، والقول بأنه يقع بينهما فصْل لا حاصل له، فإن التكليف بما في الوُسْع، والفَصْل الذي [لا يحس]، لا عبرة به، ومسألة الصوم ممنوعةٌ، إن تحقَّق وقوع الإيلاج في الليل، ولا فرق بين الصورتين، وإذا وطئ إمَّا قبل مضي المدة، وإما بعدها، فإن نَزَع كما غيب الحشفة، فذاك، وإن مكث، فلا حَدَّ؛ لأنه وطءٌ كان ابتداؤه مباحاً، وفيه وجه عن رواية ابن القطَّان وغيره: أنه يجب الحدُّ إذا كان عالماً بالتحريم تنزيلاً للاستدامة منزلة الابتداء، كما يجب بدأ الكفارة في رمضان، واختاره القاضي الرُّويانيُّ، والمذهب الأول وفي وجوب مَهْر المِثْل بالمُكث اختلافٌ قد


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>