للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[مَرَّ] ذِكْره (١) في "كتَاب الصَّوْم"، والظاهر أنه لا يجب، وإن نزع ثم أولج، فلا حَدَّ إن كان رجعيةٌ، وحكم المَهْر ما ذكَرْنا في الرجْعة، وإن كان قد عَلَّق به الطلاق الثلاث، فإن كانا جاهلَيْن بالتحريم؛ بأن اعتقدا أن الطَّلاق لا يقع إلاَّ بالاستيعاب، فلا حد للشبهة، ويجب المهر، ويثبت النسب والعدة، وإن كانا عالِمَيْن بالتحريم، فوجهان:

أحدهما: أنه يجب الحد؛ لأنه وطء مستأنفٌ خالٍ عن الشبهة، وعلى هذا، فلا مهر ولا نسب ولا عدة.

والثاني: المَنْع؛ لأن الناس يعدون الإيلاجات (٢) المتتابعة وطأة واحدةً، وعلى هذا، يجب المهر، ويُحْكى هذا الوجه عن أبي الطيِّب بن سلمة، ورجَّح الشيخ أبو حامد ومن تابعه هذا، والأول أقوى، وهو اختيار القَفَّال، والقاضيين الطبري والروياني.

وبترجيحه قال الإِمام وصاحب "التهذيب" -رحمهم الله-، وإنْ علم الزَّوْج التحريم دون الزوجة، فلا حدَّ عليها, ولها المَهْر، وكذا لو علِمَتْ، ولم تَقْدِر على الدَّفْع، وفي وجوب الحد على الزَّوْج الوجْهَان، وإن كان الزَّوْج جاهلاً بالتحريم، وهي عالمة قادرةً على الدفْع، فأظهر الوجْهَيْن: أنه يجِبُ عليها الحدُّ، ولا يجب لها المَهْر.

وأما قوله في الكتاب: "ولو قال لغير المدخول بها: إن وطِئْتُك، فأنت طالقٌ واحدةً، وقَع بالوطْء طلقةٌ رجعيَّة"، فهذا فَرْع ذكره الإِمام -رحمه الله- في هذا المَوْضع، ووافَقَه صاحب الكتاب، وحظُّ الإيلاء منْه أن يكونَ موليًا بهذا التَّعْليق، فأما أنَّ الطلاق يقَع رجعيًّا فلا اختصاص له بالباب، وإنما كان رجعيًّا؛ لأن الطَّلاَق المعلَّق بالصِّفة، إن وقع مترتِّباً علَيْها، متأخِّراً عنْها، فهذا طلاقٌ وقَع بعْد المسيس، فيكون رجعيّاً، وإن وقع مقارنًا لها، وهذا ما تعرَّض له في الكتاب؛ بقوله: "لاقتران المسيس بالطلاق" والوطْء الجاري يقتضي العدة؛ فيكون الطلاق مع العدَّة، وذلك يقتضي ثُبُوت الرجْعة ربما قَبْل الوطْء والطلاق، وإن تَقَاربا، لكن الوطْء مقرر، والطلاق مُبَيّن، فإذا اجتمعا يُغَلَّب جانب تقرير النكاح، والصورة شيبهة بما سَبَق أن العَبْد لو قال لزوجته: إذا مات سيدي فأنْتِ طالقٌ طلقتين وقال السَّيِّد: إذا متُّ، فأنْت حرٌّ [لا] يحتاج في نكاحها إلى المُحلِّل؛ لمقارنة الطلقتَيْن، وقد ذكَرْنا هناك وجْهًا آخر، ولا يبعد مجيء مثله هاهنا, ولفْظ الواحدة من قَوْله "فَأنْتِ طالقٌ واحدةً" غير محتاج إليه في التصوير؛ فإن


(١) اعترض الزركشي فقال في الخادم: وتعبيره بالعود وهم أو سبق قلم، والصواب وقع الطلاق بلا خلاف ولعله وقع له نسخة فيها ذلك. قاله البكري.
(٢) في ز: الإيلاجات المشابهة.

<<  <  ج: ص:  >  >>