للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قضية قوله "فأنتِ طالقٌ" هي قضية قوله "أنتِ طالقٌ واحدةً".

الصورة الثانية: إذا قال: إنْ وطِئتكِ، فضَرَّتُك طالقٌ، فهو مُولٍ عن المخاطبة في الجديد، معلِّق طلاق ضَرَّتها بوطئها، فإن وطئ المخاطبة قبل مضيِّ المدة أو بعدها، طُلِّقت الضَّرَّة، وانحل الإيلاء، وإنْ طلَّقها بعد المطالبة، ولم يطأها سقَطَت المطالبة. ولم يطأها، وخَرَج عن موجب الإيلاء، فإن راجَعها بعد ذلك عاد الإيلاء، فهذا حكْم كل الإيلاء على ما سيَأْتي، وإن بانَتْ فجدَّد نكاحها، ففي عَوْد الإيلاء أقوالُ عَوْدِ اليمين، وهذا يشملُ كلَّ إيلاء، وقد ذكَرْناه في "الطلاق"، فإن قلنا يَعود الإيلاء، استُؤْنِفَت المدة من يَوْم النكاح. نصَّ عليه القاضي أبو الطيِّب وغيره.

وسواءٌ قلْنا يعُود الإيلاء أو لا يَعُود، فطلاَقُ الضرَّة يبقى معلَّقاً بوطء المخاطبة، حتى إذا وطِئ المخاطبة بعد الرَّجْعة أو التجديد وقع بلا (١) خلاف، وكذا لو وَطِئَها، وهي بائن زانياً، ولا يعود الإيلاء، لو نَكَحها بعد ذلك لانْحلاَل اليَمِين. بوطء الزنا ولو ماتت الضرة، انحلَّ الإيلاء؛ لأنه حينئذ لا يلْحَقه محذورٌ بوطئها, ولو طلَّقها لم يرتفع الإيلاءُ ولا المطالبة ما دامَتْ في عدة الرجْعة؛ لأَنَّه لو وَطِئ المخاطبة، لَطُلِّقت، فإذا انقضتْ أو أبان الضَرَّة بالخلع، أو بطلاق بأن كانَتْ غير مدخول بها، أو باستيفاء الثَّلاَث، فيرتفع وتسْقُط المطالبة، وإن كان ذلك بعد مضيِّ مدة الإيلاء؛ لأنه لو وَطِئَها بعْد ذلك، لم يقَع الطَّلاق، ثم إنْ وَطِئ المخاطبة، انحلَّت اليمين، ولا يعُود إيلاَؤُها لو نُكِح الضرة.

وإن نَكِحَ الْضَرَّة قبل أن يطأَها، فعلى الخلاف في عَوْد اليمين، إن قلْنا: لا يعود، ولا تُطلَّق في النكاح بوطْء المخاطبة [لم يعد] الإيلاء، وإن قلنا: تعود عاد، وإنْ حكْمنا بعَوْد الإيلاء، فيستفتح المدة أو يبني على ما مضى، قال الإِمام: الظاهرُ عندنا: أنها لا تسْتَفْتِح وتبنى على ما مَضَى، بخلاف ما إذا طُولِبَ المولَى بالفَيْئة أو الطَّلاق، وطلَّقها ثم راجَعَها حَيْث تَضْرب مدة مستفتحة على ما سيَأْتي: أنه لو طولب بما يَدْفع الضرر، إما بالرجوع إليها أو بتخلعيها، فإذا طلَّقها فقد سعَى في التخليص، وأسْعَف بأحد طَرَفِي المطلوب، فأثَّر الطلاق في استحداث مدَّةٍ أخْرَى، وأمّا إبانة الضَّرَّة، فلَيْس إسْعافًا بوجه من وجُوه الطلب.

هذا ما أورده صاحب الكتاب قال الإِمام: وقد يتجه المصير إلى استفتاح المدة، فإن الزوج بإبانة الضرة، رفع المانع من الوطء، فكان ذلك قطعاً لسبب الضرر وتسهيلاً للإقدام على الوطء، وهذا ما أورده صاحب "التهذيب" وغيره، ويشبه أن يكون هو


(١) سقط في ز.

<<  <  ج: ص:  >  >>