للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأظْهَر، فليُعْلَمْ لذلك قوله وتبنى العدة على ما مَضَى، فلا تستأنف المدة بالواو.

الثالثة: إذا قال لامْرأتيه: إن وطئْت إحداكما، فالأخرى طالق، فإما أن يُعيِّنَ بقلبه واحدةً منهما، أو لا يعين، إن عيَّن، فهو مُولٍ عنها وحْدها, لكن الأمر في الظاهر مبهم، فيقال له بعد المدة؛ مَنِ التي أردتها، وألَيْتَ عنها؟ فإن بيَّن، فلها مطالبته بالفيئة أو الطلاق، ولا إشكال، والقول قولُه مع يمينه في أنَّه لم يُرِدِ الأخرى، وإن لم يبيِّن، وطالبناه جميعاً، قال له القاضي: فيء [إلى] التي آليت عنها أو طلِّقها، فإن امتنع، طلَّق قال له القاضي: فيء [إلى] التي آليت عنها أو طلِّقها، فإن امتنع، طلَّق القاضي إحداهما على الإبهام. تفريعًا على أن القاضي يُطْلِق على المُولي إذا امتنع، وهذا ما أجاب به ابن الحدَّاد في المسألة، وعن القفَّال: أنه لا يُطلِّق القاضي إحداهما على الإبهام واعترض على ما قاله ابن الحدَّاد بأنهما معترفان بالإشكال، فدعواهما أنه آلَى عن إحداهما مبهمة غير مسموعة، كما إذا أحْضَرَ رجلان عنْد القاضي، وقالا لأحدنا على هذا كذا، وزاد في "التتمة"، فقال: هذا إن جاءنا معاً وادعتا كذلك، فإن انفردت كلُّ واحدة، وقالت: آلى عنِّي، فإن أقر بها قالتا: أُخِذَ بمُوجب إقراره، وإن كذَّب الأولى منهما، تعيَّن الإيلاء في الثانية، وتعجَّب الإِمام من الشيخ أبي علي، حيث لم يحل اعتراض القَفَّال، مع أنه من أقْدَم أصحابه، وأنه تَبَسَّط في نَقْل ما قِيلَ، ولا تعترض علَيْه من تلقاء نفسه.

وقال كثير من الأصحاب: إن ما قاله ابن الحدَّاد جيِّدٌ، ووجَّهوه بأن الضرر حاصلٌ مع اعترافهما بالإشكال، ولا سبيل إلى إهمال الواقعة، ولا إلى تطليق واحدة بعينها، فأدت الضرورة إلى ما ذكره، وإذا قيل به، فلو قال الزوج: راجَعْت التي وَقَع عليها الطَّلاق، ففي صحة الرَّجعة هكذا وجْهان سَبَقا في "الرَّجعة"، وبالصحة أجاب ابن الحدَّاد؛ وعلى هذا تضرب المدة مرةً أخرى، ويُطلِّق القاضي مرة أخرى على الإبهام، وهكذا إلى استيفاء الثلاث، والأظهر أن الرَّجعة لا تَصِحُّ على الإبهام بل تبين المطلقة أولاً ثم يراجع إن شاء، ولو أنه وطئ واحدةً منهما قبل البيان قال الشيخ أبو علي -رحمه الله-: لا يُحْكَم بطلاَق الأُخرى؛ لأنا لا ندري أن التي عناها هي الموطوءة أو الأخرى، ويبقى الأمر بالبيان، كما كان فإن قال: أردت الأخرى، لم تُطلَّق واحدة منهما، ويطالب لهما بالفيئة أو الطلاق، فإن وطئها، طُلِّقت الموطوءة الأولى، وإن قال: أردت الإيلاء عن الموطوءة، طُلِّقت الأخرى، وخرج عن موجب الإيلاء، فهذا إذا كان قد عيَّن بقلبه واحدة منهما أما إذا قال: إن وطئت إحداكما، فالأخرى طالقٌ، ولم يعين بقلبه واحدةٌ منهما، فالذي ذكره الشيخ أبو علي وأورده صاحب "التهذيب" أنه يكون مُولِياً عنهما؛ لأنَّ أية واحدةٍ [منهما وطئها] تُطلَّق الأخرى، ويلحقه المحذور، ويشبه أن يُقال: إنه يكون مُولِيا عن واحدة منهما، ويؤمر

<<  <  ج: ص:  >  >>