للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتي نحن فيها، واعرف معه (١) شيئين: أحدهما: نقل في "التتمة" فيما إذا أراد واحدةً لا يعيِّنها: أن عامَّة الأصحاب قالوا: نضرب المدَّة في حقِّ الكل، وإذا مضَتْ، ضيق الأمر عليه في حق مَنْ طالَب منْهن؛ لأنه ما مِن امرأة منْهن إلا من الجائز أن يُعيِّن الإيلاء فيها، وظاهر هذا القوْل: أنه لا يكون مُوليًا عنْهن جميعًا، وهو بعيد.

والثاني: حَكَى صاحبُ الكتاب هاهُنَا وفي "الوسيط" وجْهًا أنَّه لا يكون مُولِيًا عن واحدة منْهن حتى يبين إن أراد معيَّنة أو يُعيِّن إن أراد واحدةً لا يعيِّنها؛ لأن قصْد الاضرار حينئذ يتحقق، فأما قبْل ذلك، فكل واحدة يجوز أن يكُون المُولَى عنها (٢) غَيْرَها، فلا تكون آيسةً عن الفيئة، يقْرُب من هذا ما ذكر في "التتمة" أن القاضي الحُسَيْن قال فيما إذا أراد واحدة غيْرَ معينة: إنه لا تضرب المُدَّة في الحال، وإنما تُضْرب بعد التعيين، ولم يعبر في "النهاية" هكذا عن هذا الوجه، [و] لكن قال: روى الشيخ أبو عليٍّ وجهاً: أنَّه إذا قال: أردتُّ واحدةً منهن، لا يؤمر بالبيان، ولا بالتعيين، بخلاف إيهامه الطلاق؛ لأن المطلَّقة خارجة عن النكاح، فإمساكها على صورة المنكوحات من غيْر نكاح منكر والإيلاء بخلافه.

وقوْله في الكتاب "وإن أراد واحدةً مبهمةً، فهو مُولٍ ولكنْ له أن يُعَيِّن" أي فهُوَ مولٍ لا عن جميعهن، كما كان في الصورة السابقة، وهي أن يريد لُزُوم الكفارة بأية واحدة، ولكنَّه مولٍ عن واحدة، فله أن يعيِّنها، ويختص الإيلاء بها، هذا وجْه الاستدراك بكلمة "لكن" وقوله "ويقول هي الَّتي أردتها" أي في الابتداء، والمقصود ما إذا كان عيَّن واحدةً بقلْبه، وقوله "وأَنْشَأْتُ تَعْيِينَهَا عنِ الإبْهام" يعني ويقول: أنشَأْتُ، والمقصود ما إذا أراد واحدةٌ لا يعيِّنها، وجعل التعيين شاملاً للحالتين، وحيث قال بتعيين "واحده" فيختص الإيلاء بها، إمَّا بقوله "أردتَّ" أو بقوله "أنْشَأْتُ" وذلك لأن الذي يأتي به يزيل الإشكال والتردُّد، وتختص الواحدة منْهن بالإيلاء، والأشهر من الاصطلاح تخصيصُ لَفْظ التعيين بما إذا أراد واحدةً لا يعيِّنها, ولفْظ البيان بما إذا أراد واحدةً يعينها.

الحالة الثالثة: إذا أطْلَق اللفظ، فلم ينو التعميم ولا التخصيص بواحدة، ففيه وجهان عن رواية الشَّيخ أبي عليِّ:

أحدهما: أنَّه يُحْمَل على التخصيص بواحدة؛ لأن اللفظ محتمل له، وهو أقلُّ المحملين؛ وعلى هذا فيَكُون الحُكْم كما لو أراد واحدةً لا يعينها.

وأشبههما الحَمْل على التعميم، وبه قال القاضي أبو حَامِد؛ لأنه المعنى المشهور


(١) في أ: لشيئين.
(٢) في أ: منها.

<<  <  ج: ص:  >  >>