للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيلاء في حق الباقيات، وإن وطئ بعضَهن، حَصَل الحنث؛ لأنه خالف قوله "لا أجامع واحدةً منكن" فتنحل اليمين، ويرتفع الإيلاء في حق الباقيات.

الثانية: إذا قال: أردتُّ الامتناع عن واحدة منهن لا غير، فيُقْبل قوله: لاحتمال اللفظ له، وعن الشيخ أبي حامد -رحمه الله- أنه لا يُقْبل، ووجَّهه في "التتمة" بأن اللفظ يقع على كل واحدةٍ على البدل، وهو متهم في إخراج بعْضِهن عن موجب اللفظ، والظاهر الأول، ثم لا يخلو إمَّا أن يريد واحدةً بعينها أو واحدةً غيْر معيَّنَة [إن أراد واحدةً معيَّنة]، فهو مولٍ ويؤمر بالبيان كما في الطلاق، وإذا بين واحدة، فإن صدَّقه الباقيات، فذاك، وإن ادَّعَتْ غيرُها أنَّه عناها، وأنكر، فهُو المصدَّق بيمينه، فإن نكل حلَفَت المدعية، وحُكِم بكونه مُولِيًا عنْها أيضًا، فلو أقَرَّ في جواب الثانية، بأنه عناها، وآخذناه بموجب الإقرارين وطالَبْناه بالفيئة أو الطلاق، فلا يُقْبل رجوعه عن الأولى، وإذا وطئهما في صورة إقراره، تعدَّدت الكفارة، وإن وطئهما في صورة نكوله، ويمين المدعية، لم تَتعدَّد؛ لأن الإيلاء عنْها لا يصلح لإلزام الكفارة عليْه، ولو ادعت واحدةٌ أولاً أنَّكَ عنَيْتَني، فقال ما عنيتك أو ما آليت عنْك وبمثله؛ أجاب ثانية، وثالثةً، تعيَّنت الرابعة للإيلاء، وإن أراد واحدةً مبهمة، فيؤمر بالتعيين.

قال أبو الفرج السرخسي؛ ويكون مُولِياً عن إحداهن لا على التعيين، وإذا عيَّن واحدة، لم يكن لغيرها المنازعة، ويكون ابتداء المدَّة من وقْت التعيين أو من وقْت اليمين، فيه وجْهانِ؛ بنَاءً عَلى أن الطلاق المُبْهم إذا عيَّنَه يَقَع عنْد التعين أو يسند إلى اللفْظ، وإن لم يعيِّن ومَضَت أربعة أشْهُر، فقد ذكروا أنَّه يطالَبُ، إذا طالَبْنَ (١) بالفيئة أو الطَّلاق، وإنما يُعْتير طلَبهُن؛ ليكون طلَب المُولِي عنْها حاصلاً، فإن امتنع طلَّق السلطان واحدةٌ على الإبهام، ومُنِعَ منْهن إلى أن يعيِّن المطلَّقة، وإن فاء إلى واحدة أو اثنتين أو ثلاث أو طلَّق، لم يخْرُج عن موجب الإيلاء؛ لاحتمال أن المُولَى عنْها الرابعةُ، وإن قال: طلَّقت التي آلَيْت عنها، خرج [عن] (٢) موجب الإيلاء لكن المطلَّقة مبهمة، [من غير تعيين] (٣) فعليه التعيين، والذي ذَكَروه في المطالبة بعْد مضيِّ أربعة أشهر من غَيْر تعيين، يُمْكن أن يكون بنَاءً على أن المُدة تُحْتَسَب من وقت اليمين، ويمكن أن يقال: الخلاف [في] أن المدَّة تُحْتَسَب منْ وقْت اليمين فيما إذا امتثل ما أمرناه به من التَّعْيين، فأما إذا امتَنَع، فتُحْتَسَب من اليمين لا محالة، ولا يمكن [من الإضرار (٤) بهنَّ، ويجيء] في طلبهن ما سَبَق من الإشكال في المدَّعية المستحقة، هذا ظاهر المذهب في الحالة


(١) في ز: طلبين.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) في أ: منهن ويجيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>