للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطالبته بالفيئة أو الطلاق، فإن طلَّقهن سَقَطت المطالبة، ثم تضرب المدة ثانياً لو راجَعَهن، وإن طلَّق بعضهم، فالباقيات على مطالبتهن، وإن وطئ واحدة منهن، تنحل اليمين حتى يرتفع الإيلاء في حَقِّ الباقيات، وفيه وجهان عن الشيخ أبي حامد -رحمه الله-: أنه لا يرتفع، وعن أبي إسحاق وابن أبي هريرة وغيرهما: أنه يرتفع كما سنَذْكر فيما إذا قَالَ: والله، لا أجامع واحدةً منكن، وبالأول أجاب الإِمام، وقال: قوله "والله لا أجامع واحدةً منكن" يتضمن تخصص كل واحدة بالإيلاء، على وجْه لا يتعلَّق بصواحباتها حتى أفرد كل واحدة بيمين، كأنه قدر قائلاً: والله، لا أجامع هذه، ووالله، لا أجامِعُ هذه، إلى آخرهن، ونقل الوجه الثاني عن القاضي الحُسَيْن، نقل الشيْء المستبعد، وأحاله على خطأ الناقل، لكن الأظهر عند الأكثرين انحلال اليمين، وارتفاع الإيلاء في حقِّ الباقيات، ولم يورد صاحب "التهذيب" غيره، وجعلوا على هذا الخلاف، ما لو قال: والله، لا كلَّمتْ واحداً من هذيْن الرجلَيْن ونظائره، ولك أن تقول: إن أراد بقوله "والله، لا أجامع كلَّ واحدةٍ منكن" [مثل] (١) المعْنَى الَّذي قدَّره الإِمام، فالوجه بقاء الإيلاء في حق الباقيات، وإلاَّ فينبغي أن يَكُون لحُكْم في هذه الصورة كالحكم فيما إذا قال: والله، لا أجامِعُكن حتَّى لا يحصل الحنث، ولا يلزم الكفارة إلاَّ بوطء الجميع، ويكون صيرورته مُولِياً في الحال على الخلاف المذكور هناك؛ لوجهين [أحدهما] (٢):

أنه إذا وطئ بعضهم كالواحدة مثلاً صَدُق أن يقال إنَّه لم يطأ كل واحدة منهن، وإنما وطئ واحدةً [منهن] (٣) كما يُصدَّق أنَّه لم يظاهر، وإنما وطئ إحداهن، وذلك يَدُلُّ على أن مفهوم اللفظين واحدٌ، والثاني أن قوْل القائل "طلقت نسائي" [وقوله] (٤) "طلقت كل واحدة من نسائي". يؤديان معنى واحداً، وإذا اتحد معناهما في طرف الإثبات، فكذلك في طرف النفي؛ فيكون معنى قوله "لا أجامع كل واحدة منكن" معنى قوله "لا أجامعكن" الصورة الثانية. إذا قال: والله، لا أجامع واحدة منكن، وله ثلاث أحوال:

إحداها: أن يريد الامتناع عن كل واحدة منْهن؛ فيكون مُولِياً عنهم جميعاً، قال الإِمام: -رحمه الله- وليس التعميم هاهنا كالتعميم في قوله: واللهِ، لا أجامعكن؛ فإن اللفظ هناك تَنَاوَل كُلَّهن، ولا يَحْصُل الحنث بجماع بَعْضِهن، وهاهنا اليمين يتعلق بآحادهن، وينزل على كل واحدة منهن على البدل، فيكون مُوليًا عنهن جميعياً؛ لتعلُّق الكفارة بوطء أيَّة واحدة وطئها, ولهن المطالبة بعْد المدة، فإن طلَّق بعضهن، بقي (٥)


(١) سقط في ز.
(٢) سقط في ز.
(٣) سقط في ز.
(٤) سقط في ز.
(٥) في أ: ففي.

<<  <  ج: ص:  >  >>