للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يوقف لكل واحدة منهن، إذا واقعت رابعة، وربما قالوا: المراد أنَّه يوقف لكل واحدة، إذا تعلَّق الحنث بوطئها، وذلك إذا تقدَّم وطء الثلاث، وربما عبَّروا عنه بأنه مُولٍ عن كل واحدة منهن على البدل، وبأن كل واحدة منهن بمَحَلٍّ أن يكون مُولِياً عنها.

الثاني، وبه قال أبو يعقوب الأبيوردي أن الذي نقله أحدُ قولَيْه في القديم: أنه إذا كان الوطء مقربًا من الحنث، كان مُولِياً، والأمر كذلك هاهنا، فإن وطء كل واحدة منْهن، يقرب من الحنث، واعتراضُه يوافق الجديد.

والقول الثاني من القديم، ووجه كونه مُوليًا بأنه منَع نَفسَه من وطْئهن باليمين بالله تعالى، فكان مُولِياً كما لو قال: والله، لا أطَأُ كل واحدة منْكن، وقول المنع أنه متمكن منْ وطْء كلِّ واحدة منهن بغير حنث، فصار كما لو لم يحلف.

والثالث ذكر في "الشامل": أن بعض الأصحاب قال إن قوله الجديد ما نقله المزنيُّ، وعلى هذا، ففي الجديد قولان، كما في القديم، والطريق الثاني أقرب، ونظْم الكتاب يوافقه، وظاهر المَذْهب، وإن ثبت الخلافُ أنه لا يكون مُولِياً في الحال، وقال: ولو وَطِئَ ثلاثاً منهن، صار مُولِياً عن الرابعة، وهذه رواية عن أبي حنيفة -رحمه الله- والأظهر أنه مُولٍ عن جميعهن في الحال، وبه قال أحمد، وعن مالك مثله.

التفريع: إن قلنا: إنه لا يكون مُولِياً عنْهن في الحال، فلو مات بعضُهن قبْل الوطء، ارتفع حكم الإيلاء على المذهب؛ لحصول الياس من الحَنث، ولو مات بعْضُهن بعد الوطء، لم يرتفع، ولو طَلَّق بعضهن قبل الوطء، أو بعده، فكذلك، حتى لو أبان ثلاثًا، ووطئهن بعد البينونة زنيا صار مُولِيًا عن الباقية في نكاحه، ولو أبان واحدة قبل الوطء، ووطئ الثلاث في النكاح، ثم نَكَح المطلقة، ففي عَوْد الإيلاء قولاَ عَوْد اليمين، وحكم اليمين باق لا محالة، حتى يلزمه الكَفَّارة إذا وطئها، وان جعلْناه مُولِياً عنْهن في الحال، ضُرِبت المدة، ولجميعهن المطالبة بعْد المدة، فإن وطئهن أو طلقَّهن، تخلَّص من الإيلاء، وإن وطئ بعضَهُن دون بعض، ارتفع الإللاء في حقِّ من وطئها، ولا يرتفع في حقِّ من طلَّقها، بل إذا راجَعَها، تُضْرب المدة لها ثانياً.

وقوله في الكتاب "ولكنه لا يصير به مُوليًا في الجديد" ليعلم بالحاء والميم والألف؛ لِمَا نقلْنا من مذهبهم، ويجوز أن يُعْلَم بالواو أيضاً؛ لطريقة من قال: إن مذهبه الجديد ما نقله المزنيُّ -رحمه الله- ووراء الصورة المذكُورة في الكِتَاب صورتان في المسألة:

إحداهما: إذا قال للنسوة الأربع: والله، لا أجامع كلَّ واحدة منكن، فالذي ذكَره الأصحاب: أنه يكون مُولِيًا عنهن جميعاً؛ لتعلق المحذور بوطء كل واحدة منهن، وهو الحنث ولزوم الكفارة، وقالوا: تضرب المدة في الحال، فإذا مضت، فلِكل واحدة

<<  <  ج: ص:  >  >>