للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= الحج إلى العمرة في أشهر الحج عند فقورهم من العمرة في أشهره فلما استقر هذا الحكم في نفوسهم سقط به فسخ الحج، ولم يفسخ وزال بزوال سببه.
الدليل الثالث:
هو ما استدل به الأصحاب من نفي التحريم بالرضعة والرضعين، فمنها ما روي عن سيدتنا عائشة -رضي الله عنها- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لاَ تُحْرِمْ المَصَّةُ وَلاَ المَصَّتَانِ". ومنها ما روي عن أم الفضل أن رجلاً سأل النبي -صلى الله عليه وسلم- أتحرم المصة؟ فقال: "لاَ تُحْرَمُ الرَّضَعَة وَالرَّضْعَتَانِ وَالمَصَّةُ وَالمَصَّتَانِ". وفي رواية أخرى دخل أعرابي على نبي الله -صلى الله عليه وسلم- وهو في بيتي فقال: يا نبي الله، إني كانت لي امرأة، فتزوجت عليها أخرى، فزعمت امرأتي الأولى أنها أرضعت الحدثي رضعة أو رضعتين، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ تُحْرِمْ الأَمْلاَجَة وَلاَ الأَمْلاَجَتَانِ" فهذه الأحاديث صريحة في نفي التحريم بالرضعة والرضعتين، فلا يتعلق التحريم بقليل الرضاع وكثيرة، كما هو مذهب الحنفية، ولا يؤخذ بمفهومها، وهو التحريم بالثلاث كما هو قول داود للأحاديث الدالة على حصر التحريم بالخمس مثل ما رواه الشَّافعي -رضي الله عنه- في مسنده "فكان لا يدخل على عائشة إلا من استكمل خمس رضعات"، وما يثبت من رواية ابن ماجة "لا يحرم إلا عشر أو خمس"، خصوصاً لو جرينا على ما قاله الزمخشري من أن الإخبار بالجملة الفعلية يفيد الحصر.
اعترض هذا بثلاث اعتراضات:
الأول: هذا استدلال بمفهوم العدد، والعدد لا مفهوم له. وأجيب: بأنه لا يؤخذ بمفهوم العدد إلا إن دلت قرينة، والقرينة هاهنا قائمة من نسخ العشر بالخمس وإلا لم يكن لذكرها فائدة وأيضاً الأحاديث المفيدة لحصرة التحريم في الخمس.
الثاني: هذه الأحاديث محمولة على ما إذا لم يصل اللبن إلى الجوف. أجيب بأن الرضعة لا تطلق إلا على ما وصل إلى الجوف بالمص والازدراد، وأيضاً على هذا لم يكن لذكر الرضعة فائدة لأن الرضعة والماية في نفي التحريم سواء.
الثالث: قالت الحنفية والمالكية إن مفهوم هذه الأحاديث يدل على التحريم بالثلاث، فكما أن منطوقه حجة علينا فمفهومه حجة عليكم. وأجيب. بأن المفهوم مقيد بمنطوق الأحاديث الدالة على ربط التحريم بالخمس.
ومن أدلة الشافعية القياس على اللعان بجامع أن كلا سبب للتحريم المؤيد وعرى عن جنس الاستباحة فلا يرد الوطء بشبهة مثلاً، فإنَّه لم يعر عن جنس الاستباحة، فلهذا لم يفتقر إلى العدد. احتج النافي للعدد -وهم الحنفية والمالكية- بالكتاب والسنة والقياس.
أما الكتاب: فقوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ} ومن أرضعت مرة واحدة يطلق على فعلها هذا الاسم "الرضاعة".
ويقال لها: أم أرضعت فتدخل في عموم الآية، وبهذا احتج ابن عمر على ابن الزبير حين قال: لا تحريم إلا بخمس رضعات.
فقال: كتاب الله، أولى من قضاء ابن الزبير.
وأما السنة: فمنها؛ قوله -صلى الله عليه وسلم-: "يَحْرُمُ مِنَ الرَّضَاعِ مَا يَحْرُمُ مِنَ النَّسَبِ" فأطلق ولم يقيد بعدد.
ومنها؛ قوله -صلى الله عليه وسلم- "الرَّضَاعَةُ مِنَ المَجَاعَةِ" ولا شك أن الرضعة الواحدة تسد الجوعة.
ومنها ما ثبت في الصحيحين عن عقبة بن الحارث أنه تزوج أم يحيى بنت أبي إهاب، فجاءت =

<<  <  ج: ص:  >  >>