يجد ماء ولا تراباً بمثله، كما لا يصح اقتداء غيره به، وهو الوجه الذي ذكرنا: أنه الموافق لإطلاق الأكثرين.
وقوله:"ومن صحت صلاته صح الاقتداء به" يعني: صحت صلاته الصحة المبنية في القسم الأول، وهي المغنية عن القضاء.
وقوله:"إلا اقتداء القارئ" معلم بالزاي؛ لأن عند المزني هذه الصورة غير مستثناة كما سبق، ثم نظم الكتاب لا يصرح إلا باستثناء اقتداء القاريء بالأمي عن هذا الضابط، لكن اقتداء الرجل بالمرأة مستثنى عنه أيضاً، والمراد: إلا اقتداء الرجل بالمرأة، وقد حصر إمام الحرمين الاستثناء في هذين الموضعين، وضم إليهما في "الوسيط" ثالثاً، وهو: الاقتداء بالمقتدي ولك أن تقول: قولنا من صحت صلاته صح الاقتداء به، إما أن يريد به صحة اقتداء كل واحد به أو يعني صحة الاقتداء به في الجملة، فإن عنينا الأول فالاستثناء غير منحصر في الموضعين، ولا في الثلاثة؛ بل من صور الاستثناء الاقتداء بمن يتعين في زعم المأموم كونه محدثاً، وغير هذه الصورة على ما تقدم، وإن عنينا الثاني فلا حاجة إلى استثناء الأمي إذ يصح اقتداء مثله به، ولا استثناء المرأة، إذ يصح اقتداء المرأة بها.
وقوله:(ومن لا يحسن حرفاً من الفاتحة، والمأموم يحسنه فهو أمي في حقه) أي فيحصل فيه الخلاف المذكور في اقتداء القارئ بالأمي.
قال الرافعي: جميع ما سبق فيما إذا عرف المأموم حال الإمام في الصفات المشروطة وجوداً وعدماً، وغرض هذا الفصل الكلام فيما إذا ظن شيئاً وتبين خلافه، فمن صوره:
ما لو اقتدى رجل بخنثى، وَبَانَ بعد الصلاة كونه رجلاً، وقد قدمنا أن هذا الاقتداء غير صحيح، وإذا لم يصح فلا يخفى وجوب القضاء، فلو لم يقض حتى بَانَ كون الإمام رجلاً، فهل يسقط القضاء؟ فيه قولان:
أحدهما: نعم؛ لأنه قد تبين كون الإمام رجلاً.
وأظهرهما: لا يسقط، لأنه كان ممنوعاً من الاقتداء به للتردد في حاله، وهذا التردد يمنع من صحة الصَّلاَةِ، وإذا لم تصح فلا بد من القضاء.