للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والثَّاني: وبه قال مالك: نعم؛ لأنه قتيل مسلم، فأشبه ما لو قتله في غير القتال.

واحتج لهذا القول بأن أسماء "غَسَّلَتِ ابْنَهَا ابْنَ الزُّبَيْرِ -رضي الله عنهم- وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهَا مُنْكِرٌ" (١). وعن أحمد روايتان كالقولين، وذكر قول منهم صاحب "العدة": أن القول الأول أصح، لكن الجمهور على ترجيح الثاني، والقولان منصوصان في "المختصر"، في كتاباً "قتال أهل البغي"، ولا خلاف عندنا في أن البَاغِي إذا قتله العادل يغسل، ويصلّى عليه. وقال أبو حنيفة: "لا يصلى عليه عقوبة له"، ومن قتله القُطَّاع من الرّفقة فيه طريقان:

أحدهما: أن حكمه على القولين في العَادِل إذا قتله أهل البغي.

والثاني: أنه ليس بشهيد جزماً.

والفرق: أَنَّ قتالهم مع أهل العَدْل على تأويل الدين بخلاف القطّاع.

الثانية: لو مات في مُعْتَرك الكفار لا بسبب من أسباب القتال ولكن مفاجأة أو لمرض، فقد حكى الإمام عن شيخه فيه وجهين:

أصحهما: أنه ليس بشهيد، ولم يذكر في "التَّهذيب" سواه.

ووجهه أن الأصل وجوب الغُسْل والصلاة، وخالفناه فيما إذا مات بسبب من أسباب القتال تعظيماً لأمره، وحثّاً للناس عليه.

الثالثة: لو دخل الحَرْبِيُّ بلاد الإسلام فقتل مسلماً اغتيالاً من غير قتال، فقد ذكر الإمام أن الشيخ أبا علي حكى فيه وجهين، والأصح المشهور: أنه لا يثبت له حكم الشهادة.

الرابعة: لو جرح في القتال ومات بعد انقضائه ففي ثبوت حكم الشهادة قولان:

أحدهما: يثبت؛ لأنه مات بجرد وجد فيه، فأشبه ما لو مات قبل انقضائه.

وأظهرهما: وبه قال أحمد، فيما رواه صاحب "الشامل": وغيره. أنه لا يثبت لأنه عاش بعد انقضاء الحرب، كما لو مات بسبب آخر، ولا فرق على القولين بين أن يطعم أو يتكلم أو صلى وبين أن لا يفعل شيئاً من ذلك، ولا بين أن يمتدَّ الزمان أو لا يمتد، وقال مالك: إن امتدّ الوقت أو أكل غسل وصلى عليه، وإلاَّ فلا.

وقال أبو حنيفة: إن أطعم أو تكلم أو صلّى فهو كسائر الموتى، وللقولين شرطان:


(١) البيهقي من حديث أبوب عن أبى مليكة. انظر التلخيص (٢/ ١٤٤، ١٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>