وَسَيُجَرِّبُونَ النَّاسَ بَعْدَنَا.
وَكَانَ نُزُولُهُ الْبَصْرَةَ فِي رَبِيعٍ الْأَوَّلِ أَوِ الْآخِرِ سَنَةَ أَرْبَعَ عَشْرَةَ.
وَقِيلَ: إِنَّ الْبَصْرَةَ مُصِّرَتْ سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ بَعْدَ جَلُولَاءَ وَتَكْرِيتَ، أَرْسَلَهُ سَعْدٌ إِلَيْهَا بِأَمْرِ عُمَرَ. وَإِنَّ عُتْبَةَ لَمَّا نَزَلَ الْبَصْرَةَ أَقَامَ نَحْوَ شَهْرٍ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْأُبُلَّةِ، وَكَانَ بِهَا خَمْسُمِائَةِ أُسْوَارٍ يَحْمُونَهَا، وَكَانَتْ مَرْفَأَ السُّفُنِ مِنَ الصِّينِ، فَقَاتَلَهُمْ عُتْبَةُ فَهَزَمَهُمْ حَتَّى دَخَلُوا الْمَدِينَةَ، وَرَجَعَ عُتْبَةُ إِلَى عَسْكَرِهِ، وَأَلْقَى اللَّهُ الرُّعْبَ فِي قُلُوبِ الْفُرْسِ، فَخَرَجُوا عَنِ الْمَدِينَةِ وَحَمَلُوا مَا خَفَّ وَعَبَرُوا الْمَاءَ، وَأَخْلَوُا الْمَدِينَةَ، وَدَخَلَهَا الْمُسْلِمُونَ، فَأَصَابُوا مَتَاعًا وَسِلَاحًا وَسَبْيًا فَاقْتَسَمُوهُ، وَأَخْرَجَ الْخُمُسَ مِنْهُ، وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ ثَلَاثَمِائَةٍ. وَكَانَ فَتْحُهَا فِي رَجَبٍ أَوْ فِي شَعْبَانَ.
ثُمَّ نَزَلَ مَوْضِعَ الرِّزْقِ، وَخَطَّ مَوْضِعَ الْمَسْجِدِ وَبَنَاهُ بِالْقَصَبِ.
وَكَانَ أَوَّلُ مَوْلُودٍ بِهَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي بَكْرَةَ، فَلَمَّا وُلِدَ ذَبَحَ أَبُوهُ جَزُورًا، فَكَفَتْهُمْ لِقِلَّةِ النَّاسِ.
وَجَمَعَ لَهُمْ أَهْلُ دَسْتُمِيسَانَ، فَلَقِيَهُمْ عُتْبَةُ فَهَزَمَهُمْ وَأَخَذَ مَرْزُبَانَهَا أَسِيرًا، وَأَخَذَ قَتَادَةُ مِنْطَقَتَهُ، فَبَعَثَ بِهَا مَعَ أَنَسِ بْنِ حَجْنَةَ إِلَى عُمَرَ، فَقَالَ لَهُ عُمَرُ: كَيْفَ النَّاسُ؟ فَقَالَ: انْثَالَتْ عَلَيْهِمُ الدُّنْيَا، فَهُمْ يَهِيلُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ. فَرَغِبَ النَّاسُ فِي الْبَصْرَةِ فَأَتَوْهَا.
وَاسْتَعْمَلَ عُتْبَةُ مُجَاشِعَ بْنَ مَسْعُودٍ عَلَى جَمَاعَةٍ وَسَيَّرَهُمْ إِلَى الْفُرَاتِ، وَاسْتَخْلَفَ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ عَلَى الصَّلَاةِ إِلَى أَنْ يَقْدَمَ مُجَاشِعُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَإِذَا قَدِمَ فَهُوَ الْأَمِيرُ، وَسَارَ عُتْبَةُ إِلَى عُمَرَ. فَظَفِرَ مُجَاشِعٌ بِأَهْلِ الْفُرَاتِ وَجَمَعَ الْفَلِيكَانُ، عَظِيمٌ مِنَ الْفُرْسِ، لِلْمُسْلِمِينَ، فَخَرَجَ إِلَيْهِ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ فَلَقِيَهُمْ بِالْمَرْغَابِ فَاقْتَتَلُوا. فَقَالَ نِسَاءُ الْمُسْلِمِينَ: لَوْ لَحِقْنَا بِهِمْ فَكُنَّا مَعَهُمْ، فَاتَّخَذْنَ مِنْ خُمُرِهِنَّ رَايَاتٍ وَسِرْنَ إِلَى الْمُسْلِمِينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute