الْمُعَطَّلِ، وَعَلَى مُقَدَّمَتِهِ هُبَيْرَةُ بْنُ مَسْرُوقٍ، فَانْتَهَتْ طَلِيعَةُ عِيَاضٍ إِلَى الرَّقَّةِ، فَأَغَارُوا عَلَى الْفَلَّاحِينَ وَحَصَرُوا الْمَدِينَةَ، وَبَثَّ عِيَاضٌ السَّرَايَا فَأَتَوْهُ بِالْأَسْرَى وَالْأَطْعِمَةِ، وَكَانَ حَصْرُهَا سِتَّةَ أَيَّامٍ، فَطَلَبَ أَهْلُهَا الصُّلْحَ، فَصَالَحَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَذَرَارِيهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَمَدِينَتِهِمْ، وَقَالَ عِيَاضٌ: الْأَرْضُ لَنَا قَدْ وَطِئْنَاهَا وَمَلَكْنَاهَا، فَأَقَرَّهَا فِي أَيْدِيهِمْ عَلَى الْخَرَاجِ وَوَضْعِ الْجِزْيَةِ. ثُمَّ سَارَ إِلَى حَرَّانَ فَجَعَلَ عَلَيْهَا عَسْكَرًا يَحْصُرُهَا، عَلَيْهِمْ صَفْوَانُ بْنُ الْمُعَطَّلِ وَحَبِيبُ بْنُ مَسْلَمَةَ، وَسَارَ هُوَ إِلَى الرُّهَاءِ، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا ثُمَّ انْهَزَمُوا وَحَصَرَهُمُ الْمُسْلِمُونَ فِي مَدِينَتِهِمْ، فَطَلَبَ أَهْلُهَا الصُّلْحَ فَصَالَحَهُمْ، وَعَادَ إِلَى حَرَّانَ فَوَجَدَ صَفْوَانَ وَحَبِيبًا وَقَدْ غَلَبَا عَلَى حُصُونٍ وَقُرًى مِنْ أَعْمَالِ حَرَّانَ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى مِثْلِ صُلْحِ الْرُّهَاءِ.
وَكَانَ عِيَاضٌ يَغْزُو وَيَعُودُ إِلَى الرُّهَاءِ، وَفَتَحَ سُمَيْسَاطَ، وَأَتَى سَرُوجَ وَرَأْسَ كَيْفَا وَالْأَرْضَ الْبَيْضَاءَ، فَصَالَحَهُ أَهْلُهَا عَلَى صُلْحِ الرُّهَاءِ. ثُمَّ إِنَّ أَهْلَ سُمَيْسَاطَ غَدَرُوا، فَرَجَعَ إِلَيْهِمْ عِيَاضٌ فَحَاصَرَهُمْ حَتَّى فَتَحَهَا، ثُمَّ أَتَى قُرَيَّاتٍ عَلَى الْفُرَاتِ، وَهِيَ جِسْرُ مَنْبِجَ وَمَا يَلِيهَا، فَفَتَحَهَا وَسَارَ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ، وَهِيَ عَيْنُ الْوَرْدَةِ، فَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ وَتَرَكَهَا وَسَارَ إِلَى تَلِّ مَوْزَنَ، فَفَتَحَهَا عَلَى صُلْحِ الرُّهَاءِ سَنَةَ تِسْعَ عَشْرَةَ، وَسَارَ إِلَى آمِدٍ فَحَصَرَهَا، فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا ثُمَّ صَالَحُوهُ عَلَى صُلْحِ الرُّهَاءِ، وَفَتَحَ مَيَّافَارِقِينَ عَلَى مِثْلِ ذَلِكَ، وَكَفْرَتُوثَا، فَسَارَ إِلَى نَصِيبِينَ فَقَاتَلَهُ أَهْلُهَا ثُمَّ صَالَحُوهُ عَلَى مِثْلِ صُلْحِ الرُّهَاءِ، وَفَتَحَ طُورَ عَبْدَيْنِ وَحِصْنَ مَارِدِينَ، وَقَصَدَ الْمَوْصِلَ فَفَتَحَ أَحَدَ الْحِصْنَيْنِ، وَقِيلَ: لَمْ يَصِلْ إِلَيْهَا، وَأَتَاهُ بِطْرِيقُ الزَّوْزَانِ فَصَالَحَهُ، ثُمَّ سَارَ إِلَى أَرْزَنَ فَفَتَحَهَا، وَدَخَلَ الدَّرْبَ فَأَجَازَهُ بَدْلِيسُ وَبَلَغَ خِلَاطَ فَصَالَحَهُ بِطْرِيقُهَا، وَانْتَهَى إِلَى الْعَيْنِ الْحَامِضَةِ مِنْ أَرْمِينِيَّةَ، ثُمَّ عَادَ إِلَى الرَّقَّةِ وَمَضَى إِلَى حِمْصَ فَمَاتَ سَنَةَ عِشْرِينَ.
وَاسْتَعْمَلَ عُمَرُ سَعِيدَ بْنَ حِذْيَمٍ، فَلَمْ يَلْبَثْ إِلَّا قَلِيلًا حَتَّى مَاتَ، فَاسْتَعْمَلَ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ الْأَنْصَارِيَّ، فَفَتَحَ رَأْسَ عَيْنٍ بَعْدَ قِتَالٍ شَدِيدٍ.
وَقِيلَ: إِنَّ عِيَاضًا أَرْسَلَ عُمَيْرَ بْنَ سَعْدٍ إِلَى رَأْسِ عَيْنٍ فَفَتَحَهَا بَعْدَ أَنِ اشْتَدَّ قِتَالُهُ عَلَيْهَا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute