فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عِتْبَانَ. فَأَقَرَّهُ. فَكَانَ سَبَبُ نَهَاوَنْدَ وَبَعْثُهَا زَمَنَ سَعْدٍ.
وَأَمَّا الْوَقْعَةُ فَهِيَ زَمَنَ عَبْدِ اللَّهِ، فَنَفَرَتِ الْأَعَاجِمُ بِكِتَابِ يَزْدَجِرْدَ، فَاجْتَمَعُوا بِنَهَاوَنْدَ عَلَى الْفَيْرُزَانِ فِي خَمْسِينَ أَلْفًا وَمِائَةِ أَلْفِ مُقَاتِلٍ، وَكَانَ سَعْدٌ كَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِالْخَبَرِ ثُمَّ شَافَهَهُ بِهِ لَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ يَسْتَأْذِنُونَكَ فِي الِانْسِيَاحِ وَأَنْ يَبْدَءُوهُمْ بِالشِّدَّةِ لِيَكُونَ أَهْيَبَ لَهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ.
فَجَمَعَ عُمَرُ النَّاسَ وَاسْتَشَارَهُمْ، وَقَالَ لَهُمْ: هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا بَعْدَهُ، وَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَسِيرَ فِيمَنْ قِبَلِي وَمَنْ قَدَرْتُ عَلَيْهِ فَأَنْزِلَ مَنْزِلًا وَسَطًا بَيْنَ هَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ ثُمَّ أَسْتَنْفِرَهُمْ وَأَكُونَ لَهُمْ رِدْءًا حَتَّى يَفْتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَيَقْضِيَ مَا أَحَبَّ، فَإِنْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ صَبَبْتُهُمْ فِي بُلْدَانِهِمْ.
فَقَالَ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ أَحْكَمَتْكَ الْأُمُورُ، وَعَجَمَتْكَ الْبَلَابِلُ، وَاحْتَنَكَتْكَ التَّجَارِبُ، وَأَنْتَ وَشَأْنَكَ وَرَأْيَكَ، لَا نَنْبُو فِي يَدَيْكَ وَلَا نَكِلُّ عَلَيْكَ، إِلَيْكَ هَذَا الْأَمْرُ، فَمُرْنَا نُطِعْ، وَادْعُنَا نُجِبْ وَاحْمِلْنَا نَرْكَبْ، وَقُدْنَا نَنْقَدْ، فَإِنَّكَ وَلِيُّ هَذَا الْأَمْرِ، وَقَدْ بَلَوْتَ وَجَرَّبْتَ وَاحْتَرَبْتَ فَلَمْ يَنْكَشِفْ شَيْءٌ مِنْ عَوَاقِبِ قَضَاءِ اللَّهِ لَكَ إِلَّا عَنْ خِيَارِهِمْ. ثُمَّ جَلَسَ.
فَعَادَ عُمَرُ، فَقَامَ عُثْمَانُ فَقَالَ: أَرَى يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ تَكْتُبَ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ فَيَسِيرُوا مِنْ شَامِهِمْ، وَإِلَى أَهْلِ الْيَمَنِ فَيَسِيرُوا مِنْ يَمَنِهِمْ، ثُمَّ تَسِيرَ أَنْتَ بِأَهْلِ الْحَرَمَيْنِ إِلَى الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ فَتَلْقَى جَمْعَ الْمُشْرِكِينَ بِجَمْعِ الْمُسْلِمِينَ، فَإِنَّكَ إِذَا سِرْتَ قَلَّ عِنْدَكَ مَا قَدْ تَكَاثَرَ مِنْ عَدَدِ الْقَوْمِ، وَكُنْتَ أَعَزَّ عِزًّا وَأَكْثَرَ. يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، إِنَّكَ لَا تَسْتَبْقِي بَعْدَ نَفْسِكَ مِنَ الْعَرَبِ بَاقِيَةً، وَلَا تَمْتَعُ مِنَ الدُّنْيَا بِعَزِيزٍ، وَلَا تَلُوذُ مِنْهَا بِحَرِيزٍ. إِنَّ هَذَا يَوْمٌ لَهُ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute