للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَسَارَ يَزْدَجِرْدُ مِنَ الرَّيِّ إِلَى أَصْبَهَانَ، ثُمَّ مِنْهَا إِلَى كَرْمَانَ وَالنَّارُ مَعَهُ، ثُمَّ قَصَدَ خُرَاسَانَ فَأَتَى مَرْوًا فَنَزَلَهَا وَبَنَى لِلنَّارِ بَيْتًا، وَاطْمَأَنَّ وَأَمِنَ أَنْ يُؤْتَى، وَدَانَ لَهُ مَنْ بَقِيَ مِنَ الْأَعَاجِمِ. وَكَاتَبَ الْهُرْمُزَانَ وَأَثَارَ أَهْلَ فَارِسَ، فَنَكَثُوا، وَأَثَارَ أَهْلَ الْجِبَالِ وَالْفَيْرُزَانِ، فَنَكَثُوا، فَأَذِنَ عُمَرُ لِلْمُسْلِمِينَ فَدَخَلُوا بِلَادَ الْفُرْسِ، فَسَارَ الْأَحْنَفُ إِلَى خُرَاسَانَ، فَدَخَلَهَا مِنَ الطَّبَسَيْنِ، فَافْتَتَحَ هَرَاةَ عَنْوَةً، وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا صُحَارَ بْنَ فُلَانٍ الْعَبْدِيَّ، ثُمَّ سَارَ نَحْوَ مَرْوِ الشَّاهْجَانِ، فَأَرْسَلَ إِلَى نَيْسَابُورَ مُطَرِّفَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ، وَإِلَى سَرْخَسَ الْحَارِثَ بْنَ حَسَّانَ، فَلَمَّا دَنَا الْأَحْنَفُ مِنْ مَرْوِ الشَّاهْجَانِ خَرَجَ مِنْهَا يَزْدَجِرْدُ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ حَتَّى نَزَلَهَا، وَنَزَلَ الْأَحْنَفُ مَرْوَ الشَّاهْجَانِ، وَكَتَبَ يَزْدَجِرْدُ، وَهُوَ بِمَرْوِ الرُّوذِ، إِلَى خَاقَانَ وَإِلَى مَلِكِ الصُّغْدِ وَإِلَى مَلِكِ الصِّينِ يَسْتِمِدُّهُمْ. وَخَرَجَ الْأَحْنَفُ مِنْ مَرْوِ الشَّاهْجَانِ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا حَارِثَةَ بْنَ النُّعْمَانِ الْبَاهِلِيَّ بَعْدَمَا لَحِقَتْ بِهِ أَمْدَادُ أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَسَارَ نَحْوَ مَرْوِ الرُّوذِ.

فَلَمَّا سَمِعَ يَزْدَجِرْدُ سَارَ عَنْهَا إِلَى بَلْخَ، وَنَزَلَ الْأَحْنَفُ مَرْوَ الرُّوذِ. وَقَدِمَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى يَزْدَجِرْدَ وَاتَّبَعَهُمُ الْأَحْنَفُ، فَالْتَقَى أَهْلُ الْكُوفَةِ وَيَزْدَجِرْدُ بِبَلْخَ، فَانْهَزَمَ يَزْدَجِرْدُ وَعَبَرَ النَّهْرَ، وَلَحِقَ الْأَحْنَفُ بِأَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، فَبَلْخُ مِنْ فُتُوحِهِمْ.

وَتَتَابَعَ أَهْلُ خُرَاسَانَ مَنْ هَرَبَ وَشَذَّ عَلَى الصُّلْحِ فِيمَا بَيْنَ نَيْسَابُورَ إِلَى طُخَارِسْتَانَ، وَعَادَ الْأَحْنَفُ إِلَى مَرْوِ الرُّوذِ فَنَزَلَهَا، وَاسْتَخْلَفَ عَلَى طُخَارِسْتَانَ رِبْعِيَّ بْنَ عَامِرٍ، وَكَتَبَ الْأَحْنَفُ إِلَى عُمَرَ بِالْفَتْحِ، فَقَالَ عُمَرُ: وَدِدْتُ أَنْ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا بَحْرًا مِنْ نَارٍ. فَقَالَ عَلِيٌّ: وَلِمَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: لِأَنَّ أَهْلَهَا سَيَنْفَضُّونَ مِنْهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَيُجْتَاحُونَ فِي الثَّالِثَةِ، فَكَانَ ذَلِكَ بِأَهْلِهَا أَحَبَّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ بِالْمُسْلِمِينَ.

وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْأَحْنَفِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى مَا دُونَ النَّهْرِ وَلَا يَجُوزَهُ.

وَلَمَّا عَبَرَ يَزْدَجِرْدُ النَّهْرَ مَهْزُومًا أَنْجَدَهُ خَاقَانُ فِي التُّرْكِ وَأَهْلِ فَرْغَانَةَ وَالصُّغْدِ، فَرَجَعَ يَزْدَجِرْدُ وَخَاقَانُ إِلَى خُرَاسَانَ فَنَزَلَا بَلْخَ، وَرَجَعَ أَهْلُ الْكُوفَةِ إِلَى الْأَحْنَفِ بِمَرْوِ الرُّوذِ، وَنَزَلَ الْمُشْرِكُونَ عَلَيْهِ بِمَرْوٍ أَيْضًا.

وَكَانَ الْأَحْنَفُ لَمَّا بَلَغَهُ خَبَرُ عُبُورِ يَزْدَجِرْدَ وَخَاقَانَ النَّهْرَ إِلَيْهِ خَرَجَ لَيْلًا يَتَسَمَّعُ هَلْ يَسْمَعُ بِرَأْيٍ يَنْتَفِعُ بِهِ، فَمَرَّ بِرَجُلَيْنِ يُنَقِّيَانِ عَلَفًا، وَأَحَدُهُمَا يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: لَوْ أَسْنَدَنَا الْأَمِيرُ إِلَى هَذَا الْجَبَلِ، فَكَانَ النَّهْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ عَدُوِّنَا خَنْدَقًا، وَكَانَ الْجَبَلُ فِي ظُهُورِنَا فَلَا يَأْتُونَا

<<  <  ج: ص:  >  >>