لَا شَيْءَ فِيمَا تَرَى تَبْقَى بَشَاشَتُهُ ... يَبْقَى الْإِلَهُ وَيُودِي الْمَالُ وَالْوَلَدُ
لَمْ تُغْنِ عَنْ هُرْمُزٍ يَوْمًا خَزَائِنُهُ ... وَالْخُلْدَ قَدْ حَاوَلَتْ عَادٌ فَمَا خَلَدُوا
وَلَا سُلَيْمَانَ إِذْ تَجْرِي الرِّيَاحُ بِهِ ... وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ فِيمَا بَيْنَهَا يَرِدُ
أَيْنَ الْمُلُوكُ الَّتِي كَانَتْ نَوَافِلُهَا ... مِنْ كُلِّ أَوْبٍ إِلَيْهَا رَاكِبٌ يَفِدُ
حَوْضًا هُنَالِكَ مَوْرُودًا بِلَا كَذِبٍ ... لَا بُدَّ مِنْ وِرْدِهِ يَوْمًا كَمَا وَرَدُوا
قَالَ أَسْلَمُ: إِنَّ هِنْدَ بِنْتَ عُتْبَةَ اسْتَقْرَضَتْ عُمَرَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ أَرْبَعَةَ آلَافٍ تَتَّجِرُ فِيهَا وَتَضْمَنُهَا، فَأَقْرَضَهَا، فَخَرَجَتْ فِيهَا إِلَى بِلَادِ كَلْبٍ فَاشْتَرَتْ وَبَاعَتْ، فَبَلَغَهَا أَنَّ أَبَا سُفْيَانَ وَابْنَهُ عَمْرًا أَتَيَا مُعَاوِيَةَ، فَعَدَلَتْ إِلَيْهِ، وَكَانَ أَبُو سُفْيَانَ قَدْ طَلَّقَهَا، فَقَالَ لَهَا مُعَاوِيَةُ: مَا أَقْدَمَكِ أَيْ أُمَّهْ؟ قَالَتْ: النَّظَرُ إِلَيْكَ أَيْ بُنَيَّ، إِنَّهُ عُمَرُ، وَإِنَّمَا يَعْمَلُ لِلَّهِ وَقَدْ أَتَاكَ أَبُوكَ فَخَشِيتُ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ وَأَهْلُ ذَلِكَ هُوَ، وَلَا يَعْلَمُ النَّاسُ مِنْ أَيْنَ أَعْطَيْتَهُ فَيُؤَنِّبُوكَ وَيُؤَنِّبُكَ عُمَرُ فَلَا يَسْتَقِيلُهَا أَبَدًا. فَبَعَثَ إِلَى أَبِيهِ وَإِلَى أَخِيهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ وَكَسَاهُمَا وَحَمَلَهُمَا، فَتَسَخَّطَهَا عَمْرٌو، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: لَا تَسَخَّطْهَا فَإِنَّ هَذَا عَطَاءٌ لَمْ تَغِبْ عَنْهُ هِنْدٌ، وَرَجَعُوا جَمِيعًا، فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ لِهِنْدٍ: أَرَبِحْتِ؟ قَالَتْ: اللَّهُ أَعْلَمُ. فَلَمَّا أَتَتِ الْمَدِينَةَ وَبَاعَتْ شَكَتِ الْوَضِيعَةَ، فَقَالَ لَهَا عُمَرُ: لَوْ كَانَ مَالِي لَتَرَكْتُهُ لَكِ، وَلَكِنَّهُ مَالُ الْمُسْلِمِينَ. وَقَالَ لِأَبِي سُفْيَانَ: بِكَمْ أَجَازَكَ مُعَاوِيَةُ؟ قَالَ: بِمِائَةِ دِينَارٍ.
قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيْنَمَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَأَصْحَابُهُ يَتَذَاكَرُونَ الشِّعْرَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: فُلَانٌ أَشْعَرُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ فُلَانٌ أَشْعَرُ، قَالَ: فَأَقْبَلْتُ فَقَالَ عُمَرُ: قَدْ جَاءَكُمْ أَعْلَمُ النَّاسِ بِهَا، مَنْ أَشْعَرُ الشُّعَرَاءِ؟ قَالَ: قُلْتُ: زُهَيْرُ بْنُ أَبِي سُلْمَى. فَقَالَ: هَلُمَّ مِنْ شِعْرِهِ مَا نَسْتَدِلُّ بِهِ عَلَى مَا ذَكَرْتَ. فَقُلْتُ: امْتَدَحَ قَوْمًا مِنْ غَطَفَانَ فَقَالَ:
لَوْ كَانَ يَقْعُدُ فَوْقَ الشَّمْسِ مِنْ كَرَمٍ ... قَوْمٌ لِأَوَّلِهِمْ يَوْمًا إِذَا قَعَدُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute