للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْكُوفَةَ قَامَ إِلَيْهِ رَجُلٌ فَعَابَ عُثْمَانَ بِجَمْعِ النَّاسِ عَلَى الْمُصْحَفِ، فَصَاحَ بِهِ وَقَالَ: اسْكُتْ فَعَنْ مَلَأٍ مِنَّا فَعَلَ ذَلِكَ، فَلَوْ وُلِّيتُ مِنْهُ مَا وُلِّيَ عُثْمَانُ لَسَلَكْتُ سَبِيلَهُ.

ذكر سُقُوطِ خَاتَمِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي بِئْرِ أَرِيسٍ

وَفِيهَا وَقَعَ خَاتَمُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ يَدِ عُثْمَانَ فِي بِئْرِ أَرِيسٍ، وَهِيَ عَلَى مِيلَيْنِ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ قَلِيلَةَ الْمَاءِ، فَمَا أُدْرِكَ قَعْرُهَا بَعْدُ.

«وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اتَّخَذَهُ لَمَّا أَرَادَ أَنْ يُكَاتِبَ الْأَعَاجِمَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ - تَعَالَى -، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُمْ لَا يَقْبَلُونَ كِتَابًا إِلَّا مَخْتُومًا، فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يُعْمَلَ لَهُ خَاتَمٌ مِنْ حَدِيدٍ، فَلَمَّا عُمِلَ جَعَلَهُ فِي إِصْبَعِهِ، فَأَتَاهُ جِبْرَائِيلُ فَنَهَاهُ عَنْهُ، فَنَبَذَهُ، وَأَمَرَ فَعُمِلَ لَهُ خَاتَمٌ مِنْ نُحَاسٍ وَجَعَلَهُ فِي إِصْبَعِهِ، فَقَالَ لَهُ جِبْرَائِيلُ: انْبِذْهُ، فَنَبَذَهُ، وَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِخَاتَمٍ مِنْ فِضَّةٍ، فَصُنِعَ لَهُ، فَجَعَلَهُ فِي إِصْبَعِهِ، فَأَمَرَهُ جِبْرَائِيلُ أَنْ يُقِرَّهُ، فَأَقَرَّهُ. وَكَانَ نَقْشُهُ ثَلَاثَةَ أَسْطُرٍ: مُحَمَّدٌ سَطْرٌ، وَرَسُولٌ سَطْرٌ، وَاللَّهُ سَطْرٌ، فَتَخَتَّمَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى تُوُفِّيَّ،» ثُمَّ تَخَتَّمَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ حَتَّى تُوُفِّيَّ، ثُمَّ عُمَرُ حَتَّى تُوُفِّيَّ، ثُمَّ تَخَتَّمَ بِهِ عُثْمَانُ سِتَّ سِنِينَ. فَحَفَرُوا بِئْرًا بِالْمَدِينَةِ شِرْبًا لِلْمُسْلِمِينَ، فَقَعَدَ عَلَى رَأْسِ الْبِئْرِ فَجَعَلَ يَعْبَثُ بِالْخَاتَمِ فَسَقَطَ مِنْ يَدِهِ فِي الْبِئْرِ، فَطَلَبُوهُ فِيهَا وَنَزَحُوا مَا فِيهَا مِنَ الْمَاءِ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، فَجَعَلَ فِيهِ مَالًا عَظِيمًا لِمَنْ جَاءَ بِهِ، وَاغْتَمَّ لِذَلِكَ غَمًّا شَدِيدًا. فَلَمَّا يَئِسَ مِنْهُ صَنَعَ خَاتَمًا آخَرَ عَلَى مِثَالِهِ وَنَقْشِهِ فَبَقِيَ فِي إِصْبَعِهِ حَتَّى هَلَكَ، فَلَمَّا قُتِلَ ذَهَبَ الْخَاتَمُ فَلَمْ يُدْرَ مَنْ أَخَذَهُ.

ذكر تَسْيِيرِ أَبِي ذَرٍّ إِلَى الرَّبَذَةِ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ كَانَ مَا ذُكِرَ فِي أَمْرِ أَبِي ذَرٍّ، وَإِشْخَاصِ مُعَاوِيَةَ إِيَّاهُ مِنَ الشَّامِ إِلَى الْمَدِينَةِ، وَقَدْ ذُكِرَ فِي سَبَبِ ذَلِكَ أُمُورٌ كَثِيرَةٌ، مِنْ سَبِّ مُعَاوِيَةَ إِيَّاهُ وَتَهْدِيدِهِ بِالْقَتْلِ، وَحَمْلِهِ إِلَى الْمَدِينَةِ مِنَ الشَّامِ بِغَيْرِ وِطَاءٍ، وَنَفْيِهِ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى الْوَجْهِ الشَّنِيعِ، لَا يَصِحُّ النَّقْلُ بِهِ، وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ يُعْتَذَرَ عَنْ عُثْمَانَ، فَإِنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يُؤَدِّبَ رَعِيَّتَهُ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>