أَيْ لَا أَذْكُرُ لَكُمْ ذَنْبَكُمْ، {يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ} [يوسف: ٩٢] ، ثُمَّ سَأَلَهُمْ عَنْ أَبِيهِ، فَقَالُوا: لَمَّا فَاتَهُ بِنْيَامِينُ عَمِيَ مِنَ الْحُزْنِ، فَقَالَ: {اذْهَبُوا بِقَمِيصِي هَذَا فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ} [يوسف: ٩٣] . فَقَالَ يَهُودَا: أَنَا أَذْهَبُ بِهِ لِأَنِّي ذَهَبْتُ إِلَيْهِ بِالْقَمِيصِ مُلَطَّخًا بِالدَّمِ وَأَخْبَرْتُهُ أَنَّ يُوسُفَ أَكَلَهُ الذِّئْبُ، فَأَنَا أُخْبِرُهُ أَنَّهُ حَيٌّ فَأُفْرِحُهُ كَمَا أَحْزَنْتُهُ. وَكَانَ هُوَ الْبَشِيرَ.
{وَلَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ} [يوسف: ٩٤] عَنْ مِصْرَ حَمَلَتِ الرِّيحُ إِلَى يَعْقُوبَ رِيحَ يُوسُفَ، وَبَيْنَهُمَا ثَمَانُونَ فَرْسَخًا، يُوسُفُ بِمِصْرَ وَيَعْقُوبُ بِأَرْضِ كَنْعَانَ. فَقَالَ يَعْقُوبُ: {إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلَا أَنْ تُفَنِّدُونِ} [يوسف: ٩٤] ؟ فَقَالَ لَهُ مَنْ حَضَرَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ: {تَاللَّهِ إِنَّكَ} [يوسف: ٩٥] مِنْ ذِكْرِ يُوسُفَ {لَفِي ضَلَالِكَ الْقَدِيمِ - فَلَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يوسف: ٩٥ - ٩٦] بِقَمِيصِ يُوسُفَ أَلْقَاهُ عَلَى وَجْهِ يَعْقُوبَ فَعَادَ بَصِيرًا وَ {قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [يوسف: ٩٦] ، يَعْنِي تَصْدِيقَ اللَّهِ تَأْوِيلَ رُؤْيَا يُوسُفَ، وَ {لَمَّا أَنْ جَاءَ الْبَشِيرُ} [يوسف: ٩٦] قَالَ لَهُ يَعْقُوبُ: كَيْفَ تَرَكْتَ يُوسُفَ؟ قَالَ: إِنَّهُ مَلِكُ مِصْرَ. قَالَ: مَا أَصْنَعُ بِالْمُلْكِ! عَلَى أَيِّ دِينٍ تَرَكْتَهُ؟ قَالَ: عَلَى الْإِسْلَامِ. قَالَ: الْآنَ تَمَّتِ النِّعْمَةُ. فَلَمَّا رَأَى مَنْ عِنْدَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ قَمِيصَ يُوسُفَ وَخَبَرَهُ قَالُوا لَهُ: {يَاأَبَانَا اسْتَغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا - قَالَ سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ} [يوسف: ٩٧ - ٩٨] أَخَّرَ الدُّعَاءَ إِلَى السَّحَرِ مِنْ لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ.
ثُمَّ ارْتَحَلَ يَعْقُوبُ وَوَلَدُهُ، فَلَمَّا دَنَا مِنْ مِصْرَ خَرَجَ يُوسُفُ يَتَلَقَّاهُ وَمَعَهُ أَهْلُ مِصْرَ، وَكَانُوا يُعَظِّمُونَهُ، فَلَمَّا دَنَا أَحَدُهُمَا مِنْ صَاحِبِهِ نَظَرَ يَعْقُوبُ إِلَى النَّاسِ وَالْخَيْلِ، وَكَانَ يَعْقُوبُ يَمْشِي وَيَتَوَكَّأُ عَلَى ابْنِهِ يَهُودَا، فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ هَذَا فِرْعَوْنُ مِصْرَ. قَالَ: لَا، هَذَا ابْنُكَ يُوسُفُ. فَلَمَّا قَرُبَ مِنْهُ أَرَادَ يُوسُفُ أَنْ يَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ، فَمُنِعَ مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ يَعْقُوبُ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute