مَقْدَمَتِهِ كَانَ الْخَضِرُ.
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَوْذَبٍ: الْخَضِرُ مِنْ وَلَدِ فَارِسَ، وَإِلْيَاسُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ يَلْتَقِيَانِ كُلَّ عَامٍ بِالْمَوْسِمِ.
وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: اسْتَخْلَفَ اللَّهُ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ رَجُلًا مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ نَاشِيَةُ بْنُ أَمُوصَ، فَبَعَثَ اللَّهُ لَهُمُ الْخَضِرَ مَعَهُ نَبِيًّا، قَالَ: وَاسْمُ الْخَضِرِ فِيمَا يَقُولُ بَنُو إِسْرَائِيلَ إِرْمِيَا بْنُ حَلْقِيَا، وَكَانَ مِنْ سِبْطِ هَارُونَ بْنِ عِمْرَانَ، وَبَيْنَ هَذَا الْمَلِكِ وَبَيْنَ أَفْرِيدُونَ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ عَامٍ.
وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إِنَّ الْخَضِرَ كَانَ فِي أَيَّامِ أَفْرِيدُونَ وَذِي الْقَرْنَيْنِ الْأَكْبَرِ قَبْلَ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ أَشْبَهُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ أَنَّ مُوسَى بْنَ عِمْرَانَ أَمَرَهُ اللَّهُ بِطَلَبِ الْخَضِرِ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ أَعْلَمَ الْخَلْقِ بِالْكَائِنِ مِنَ الْأُمُورِ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْخَضِرُ عَلَى مَقْدَمَةِ ذِي الْقَرْنَيْنِ قَبْلَ مُوسَى، وَأَنَّهُ شَرِبَ مِنْ مَاءِ الْحَيَاةِ فَطَالَ عُمُرُهُ، وَلَمْ يُرْسَلْ فِي أَيَّامِ إِبْرَاهِيمَ، وَبُعِثَ فِي أَيَّامِ نَاشِيَةَ بْنِ أَمُوصَ، وَكَانَ نَاشِيَةُ هَذَا فِي أَيَّامِ بَشْتَاسِبَ بْنِ لَهُرَاسِبَ، وَالْحَدِيثُ مَا رَوَاهُ أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: قُلْتُ لِـ ابْنِ عَبَّاسٍ: إِنَّ نَوْفًا يَزْعُمُ أَنَّ الْخَضِرَ لَيْسَ بِصَاحِبِ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ. قَالَ: كَذَبَ عَدُوُّ اللَّهِ، حَدَّثَنِي أُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: «إِنَّ مُوسَى قَامَ فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ خَطِيبًا، فَقِيلَ لَهُ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ؟ فَقَالَ: أَنَا، فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ حِينَ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَبِّ، هَلْ هُنَاكَ أَعْلَمُ مِنِّي؟ قَالَ: بَلَى، عَبْدٌ لِي بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ. قَالَ: يَا رَبِّ كَيْفَ لِي بِهِ؟ قَالَ: تَأْخُذُ حُوتًا فَتَجْعَلُهُ فِي مِكْتَلٍ فَحَيْثُ تَفْقِدُهُ فَهُوَ هُنَاكَ. فَأَخَذَ حُوتًا فَجَعَلَهُ فِي مِكْتَلٍ، ثُمَّ قَالَ لِفَتَاهُ: إِذَا فَقَدْتَ هَذَا الْحُوتَ فَأَخْبِرْنِي. فَانْطَلَقَا يَمْشِيَانِ عَلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ حَتَّى أَتَيَا الصَّخْرَةَ، وَذَلِكَ الْمَاءَ، وَهُوَ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ خُلِّدَ وَلَا يُقَارِبُهُ شَيْءٌ مَيِّتٌ إِلَّا حَيِيَ، فَمَسَّ الْحُوتُ مِنْهُ فَحَيِيَ، وَكَانَ مُوسَى رَاقِدًا، وَاضْطَرَبَ الْحُوتُ فِي الْمِكْتَلِ، فَخَرَجَ فِي الْبَحْرِ، فَأَمْسَكَ اللَّهُ عَنْهُ جَرْيَةَ الْمَاءِ فَصَارَ مِثْلَ الطَّاقِ، فَصَارَ لِلْحُوتِ سَرَبٌ، وَكَانَ لَهُمَا عَجَبًا، ثُمَّ انْطَلَقَا، فَلَمَّا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute