ثَلَاثَ نِسْوَةٍ مِنْ طَيِّءٍ، وَقَتَلُوا أُمَّ سِنَانٍ الصَّيْدَاوِيَّةَ.
فَلَمَّا بَلَغَ عَلِيًّا قَتْلُهُمْ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ خَبَّابٍ، وَاعْتِرَاضُهُمُ النَّاسَ، بَعَثَ إِلَيْهِمُ الْحَارِثَ بْنَ مُرَّةَ الْعَبْدِيَّ لِيَأْتِيَهُمْ، وَيَنْظُرَ مَا بَلَغَهُ عَنْهُمْ، وَيَكْتُبَ بِهِ إِلَيْهِ وَلَا يَكْتُمَهُ. فَلَمَّا دَنَا مِنْهُمْ يُسَائِلُهُمْ قَتَلُوهُ، وَأَتَى عَلِيًّا الْخَبَرُ وَالنَّاسُ مَعَهُ، فَقَالُوا: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، عَلَامَ نَدَعُ هَؤُلَاءِ وَرَاءَنَا يُخَلِّفُونَنَا فِي عِيَالِنَا وَأَمْوَالِنَا؟ سِرْ بِنَا إِلَى الْقَوْمِ، فَإِذَا فَرَغْنَا مِنْهُمْ سِرْنَا إِلَى عَدُوِّنَا مِنْ أَهْلِ الشَّامِ.
وَقَامَ إِلَيْهِ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَلَّمَهُ بِمِثْلِ ذَلِكَ، وَكَانَ النَّاسُ يَرَوْنَ أَنَّ الْأَشْعَثَ يَرَى رَأْيَهُمْ ; لِأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ يَوْمَ صِفِّينَ: أَنْصَفَنَا قَوْمٌ يَدْعُونَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ. فَلَمَّا قَالَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ عَلِمَ النَّاسُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ يَرَى رَأْيَهُمْ.
فَأَجْمَعَ عَلِيٌّ عَلَى ذَلِكَ، وَخَرَجَ فَعَبَرَ الْجِسْرَ وَسَارَ إِلَيْهِمْ، فَلَقِيَهُ مُنَجِّمٌ فِي مَسِيرِهِ، فَأَشَارَ عَلَيْهِ أَنْ يَسِيرَ وَقْتًا مِنَ النَّهَارِ، فَقَالَ لَهُ: إِنْ أَنْتَ سِرْتَ فِي غَيْرِهِ لَقِيتَ أَنْتَ وَأَصْحَابُكَ ضُرًّا شَدِيدًا. فَخَالَفَهُ عَلِيٌّ، وَسَارَ فِي الْوَقْتِ الَّذِي نَهَاهُ عَنْهُ، فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ أَهْلِ النَّهْرِ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: لَوْ سِرْنَا فِي السَّاعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الْمُنَجِّمَ لَقَالَ الْجُهَّالُ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا: سَارَ فِي السَّاعَةِ الَّتِي أَمَرَ بِهَا الْمُنَجِّمُ فَظَفِرَ. وَكَانَ الْمُنَجِّمَ مُسَافِرُ بْنُ عَفِيفٍ الْأَزْدِيُّ.
فَأَرْسَلَ عَلِيٌّ إِلَى أَهْلِ النَّهْرِ: أَنِ ادْفَعُوا إِلَيْنَا قَتَلَةَ إِخْوَانِنَا مِنْكُمْ أَقْتُلُهُمْ بِهِمْ، ثُمَّ أَنَا تَارِكُكُمْ وَكَافٌّ عَنْكُمْ حَتَّى أَلْقَى أَهْلَ الْمَغْرِبِ، فَلَعَلَّ اللَّهَ يُقْبِلُ بِقُلُوبِكُمْ وَيَرُدُّكُمْ إِلَى خَيْرٍ مِمَّا أَنْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَمْرِكُمْ. فَقَالُوا: كُلُّنَا قَتَلَهُمْ، وَكُلُّنَا مُسْتَحِلٌّ لِدِمَائِكُمْ وَدِمَائِهِمْ. وَخَرَجَ إِلَيْهِمْ قَيْسُ بْنُ سَعْدِ بْنِ عُبَادَةَ، فَقَالَ لَهُمْ: عِبَادَ اللَّهِ، أَخْرِجُوا إِلَيْنَا طِلْبَتَنَا مِنْكُمْ، وَادْخُلُوا فِي هَذَا الْأَمْرِ الَّذِي خَرَجْتُمْ مِنْهُ، وَعُودُوا بِنَا إِلَى قِتَالِ عَدُوِّنَا وَعَدُوِّكُمْ، فَإِنَّكُمْ رَكِبْتُمْ عَظِيمًا مِنَ الْأَمْرِ، تَشْهَدُونَ عَلَيْنَا بِالشِّرْكِ، وَتَسْفِكُونَ دِمَاءَ الْمُسْلِمِينَ! فَقَالَ لَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَجَرَةَ السُّلَمِيُّ: إِنَّ الْحَقَّ قَدْ أَضَاءَ لَنَا، فَلَسْنَا مُتَابِعِيكُمْ أَوْ تَأْتُونَا بِمِثْلِ عُمَرَ، فَقَالَ: مَا نَعْلَمُهُ [فِينَا] غَيْرَ صَاحِبِنَا، فَهَلْ تَعْلَمُونَهُ فِيكُمْ؟ قَالُوا: لَا. قَالَ: نَشَدْتُكُمُ اللَّهَ فِي أَنْفُسِكُمْ أَنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute