للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَدْ قِيلَ فِي قَتْلِهِ غَيْرُ مَا تَقَدَّمَ: وَهُوَ أَنَّ زِيَادًا خَطَبَ يَوْمَ جُمُعَةٍ فَأَطَالَ الْخُطْبَةَ وَأَخَّرَ الصَّلَاةَ، فَقَالَ لَهُ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ: الصَّلَاةُ. فَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ.

فَقَالَ لَهُ: الصَّلَاةُ:

فَمَضَى فِي خُطْبَتِهِ. فَلَمَّا خَشِيَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ فَوْتَ الصَّلَاةِ ضَرَبَ بِيَدِهِ إِلَى كَفٍّ مِنْ حَصَى وَقَامَ إِلَى الصَّلَاةِ وَقَامَ النَّاسُ مَعَهُ:

فَلَمَّا رَأَى زِيَادٌ ذَلِكَ نَزَلَ فَصَلَّى بِالنَّاسِ وَكَتَبَ إِلَى مُعَاوِيَةَ وَكَثَّرَ عَلَيْهِ، فَكَتَبَ إِلَيْهِ مُعَاوِيَةُ لِيَشُدَّهُ فِي الْحَدِيدِ وَيُرْسِلَهُ إِلَيْهِ. فَلَمَّا أَرَادَ أَخْذَهُ قَامَ قَوْمُهُ لِيَمْنَعُوهُ، فَقَالَ حُجْرٌ: لَا وَلَكِنْ سَمْعًا وَطَاعَةً:

فَشُدَّ فِي الْحَدِيدِ وَحُمِلَ إِلَى مُعَاوِيَةَ:

فَلَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ! فَقَالَ مُعَاوِيَةُ: أَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ أَنَا؟ وَاللَّهِ لَا أُقِيلُكَ وَلَا أَسَتَقِيلُكَ! أَخْرِجُوهُ فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ! فَقَالَ حُجْرٌ لِلَّذِينِ يَلُونَ أَمْرَهُ: دَعُونِي حَتَّى أُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ:

فَقَالُوا: صَلِّ، فَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ خَفَّفَ فِيهِمَا، ثُمَّ قَالَ: لَوْلَا أَنْ تَظُنُّوا بِي غَيْرَ الَّذِي أَرَدْتُ لَأَطَلْتُهَا، وَقَالَ لِمَنْ حَضَرَهُ مِنْ قَوْمِهِ: لَا تُطْلِقُوا عَنِّي حَدِيدًا وَلَا تَغْسِلُوا عَنِّي دَمًا، فَإِنِّي لَاقٍ مُعَاوِيَةَ غَدًا عَلَى الْجَادَّةِ، وَضُرِبَتْ عُنُقُهُ:

قَالَ: فَلَقِيَتْ عَائِشَةُ مُعَاوِيَةَ فَقَالَتْ لَهُ: أَيْنَ كَانَ حِلْمُكَ عَنْ حُجْرٍ؟ فَقَالَ: لَمْ يَحْضُرْنِي رَشِيدٌ:

قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: بَلَغَنَا أَنَّ مُعَاوِيَةَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ جَعَلَ يَقُولُ: يَوْمِي مِنْكَ يَا حُجْرُ طَوِيلٌ!

(عُبَادٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ، وَفَتْحِ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَتَخْفِيفِهَا) .

ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ الرَّبِيعِ عَلَى خُرَاسَانَ

وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ وَجَّهَ زِيَادٌ الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ الْحَارِثِيَّ أَمِيرًا عَلَى خُرَاسَانَ، وَكَانَ الْحَكَمُ بْنُ عَمْرٍو الْغِفَارِيُّ قَدِ اسْتَخْلَفَ عِنْدَ مَوْتِهِ أَنَسَ بْنَ أَبِي أُنَاسٍ، فَعَزَلَهُ زِيَادٌ وَوَلَّى خُلَيْدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْحَنَفِيَّ، ثُمَّ عَزَلَهُ وَوَلَّى الرَّبِيعَ بْنَ زِيَادٍ أَوَّلَ سَنَةِ إِحْدَى وَخَمْسِينَ وَسَيَّرَ مَعَهُ خَمْسِينَ أَلْفًا بِعِيَالَاتِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ وَالْبَصْرَةِ، مِنْهُمْ: بُرَيْدَةُ بْنُ الْحُصَيْبِ، وَأَبُو بَرْزَةَ، وَلَهُمَا صُحْبَةٌ، فَسَكَنُوا خُرَاسَانَ، فَلَمَّا قَدِمَهَا غَزَا بَلْخَ فَفَتَحَهَا صُلْحًا، وَكَانَتْ قَدْ أُغْلِقَتْ بَعْدَمَا صَالَحَهُمُ الْأَحْنَفُ بْنُ قَيْسٍ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ. وَفَتَحَ قُهِسْتَانَ عَنْوَةً وَقَتَلَ مَنْ بِنَاحِيَتِهَا مِنَ الْأَتْرَاكِ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ نَيْزَكُ طَرْخَانَ، فَقَتَلَهُ قُتَيْبَةَ بْنُ مُسْلِمٍ فِي وِلَايَتِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>