للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إِسْرَائِيلَ قَالُوا: يَا مُوسَى ائْتِنَا بِالْكِتَابِ الَّذِي وَعَدْتَنَا. فَسَأَلَ مُوسَى رَبَّهُ ذَلِكَ، فَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا وَيَتَطَهَّرَ وَيُطَهِّرَ ثِيَابَهُ وَيَأْتِيَ إِلَى الْجَبَلِ - جَبَلِ طَوْرِ سِينَا - لِيُكَلِّمَهُ وَيُعْطِيَهُ الْكِتَابَ، فَصَامَ ثَلَاثِينَ يَوْمًا أَوَّلُهَا أَوَّلُ ذِي الْقَعْدَةِ، وَسَارَ إِلَى الْجَبَلِ وَاسْتَخْلَفَ أَخَاهُ هَارُونَ عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَلَمَّا قَصَدَ الْجَبَلَ أَنْكَرَ رِيحَ فَمِهِ فَتَسَوَّكَ بِعُودِ خُرْنُوبٍ، وَقِيلَ: تَسَوَّكَ بِلِحَاءِ شَجَرَةٍ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ: أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ خُلُوفَ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدِي مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ؟ وَأَمَرَهُ أَنْ يَصُومَ عَشَرَةَ أَيَّامٍ أُخْرَى، فَصَامَهَا، وَهِيَ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ، {فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} [الأعراف: ١٤٢] .

فَفِي تِلْكَ اللَّيَالِي الْعَشْرِ افْتَتَنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ لِأَنَّ الثَلَاثِينَ انْقَضَتْ وَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِمْ مُوسَى، وَكَانَ السَّامِرِيُّ مِنْ أَهْلِ بَاجَرْمَى، وَقِيلَ: مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ.

فَقَالَ هَارُونُ: يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنَّ الْغَنَائِمَ لَا تَحِلُّ لَكُمْ، وَالْحُلِيَّ الَّذِي اسْتَعَرْتُمُوهُ مِنَ الْقِبْطِ غَنِيمَةٌ، فَاحْفِرُوا حُفْرَةً وَأَلْقُوهُ فِيهَا حَتَّى يَرْجِعَ مُوسَى فَيَرَى فِيهِ رَأْيَهُ، فَفَعَلُوا ذَلِكَ، وَجَاءَ السَّامِرِيُّ بِقَبْضَةٍ مِنَ التُّرَابِ الَّذِي أَخَذَهُ مِنْ أَثَرِ حَافِرِ فَرَسِ جَبْرَائِيلَ، فَأَلْقَاهُ فِيهِ فَصَارَ الْحُلِيُّ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ، وَقِيلَ: إِنَّ الْحُلِيَّ أُلْقِيَ فِي النَّارِ فَذَابَ فَأَلْقَى السَّامِرِيُّ ذَلِكَ التُّرَابَ فَصَارَ الْحُلِيُّ عِجْلًا جَسَدًا لَهُ خُوَارٌ، وَقِيلَ: كَانَ يَخُورُ، وَيَمْشِي، وَقِيلَ: مَا خَارَ إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَلَمْ يَعُدْ، وَقِيلَ: إِنَّ السَّامِرِيَّ صَاغَ الْعِجْلَ مِنْ ذَلِكَ الْحُلِيِّ فِي ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، ثُمَّ قَذَفَ فِيهِ التُّرَابَ، فَقَامَ لَهُ خُوَارٌ.

فَلَمَّا رَأَوْهُ قَالَ لَهُمُ السَّامِرِيُّ: {هَذَا إِلَهُكُمْ وَإِلَهُ مُوسَى فَنَسِيَ} [طه: ٨٨] مُوسَى وَتَرَكَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>