للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَلَى أَهْلِهِ.

فَصَاحَ النِّسَاءُ وَخَرَجْنَ، وَصَاحَ بِهِ الْحُسَيْنُ: أَنْتَ تَحْرِقُ بَيْتِي عَلَى أَهْلِي؟ حَرَقَكَ اللَّهُ بِالنَّارِ! فَقَالَ حُمَيْدُ بْنُ مُسْلِمٍ لِشَمِرٍ: إِنَّ هَذَا لَا يَصْلُحُ [لَكَ] ، تُعَذِّبُ بِعَذَابِ اللَّهِ وَتَقْتُلُ الْوِلْدَانَ وَالنِّسَاءَ، وَاللَّهِ إِنَّ فِي قَتْلِ الرِّجَالِ مَا يَرْضَى بِهِ أَمِيرُكَ! فَلَمْ يَقْبَلْ مِنْهُ، فَجَاءَهُ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ فَنَهَاهُ فَانْتَهَى، وَذَهَبَ لِيَنْصَرِفَ فَحَمَلَ عَلَيْهِ زُهَيْرُ بْنُ الْقَيْنِ فِي عَشْرَةٍ فَكَشَفَهُمْ عَنِ الْبُيُوتِ وَقَتَلُوا أَبَا عَزَّةَ الضَّبَابِيَّ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ شَمِرٍ.

وَعَطَفَ النَّاسُ عَلَيْهِمْ فَكَثَّرُوهُمْ، وَكَانُوا إِذَا قُتِلَ مِنْهُمُ الرَّجُلُ وَالرَّجُلَانِ يَبِينُ فِيهِمْ لِقِلَّتِهِمْ، وَإِذَا قُتِلَ فِي أُولَئِكَ لَا يَبِينُ فِيهِمْ لِكَثْرَتِهِمْ.

وَلَمَّا حَضَرَ وَقْتُ الصَّلَاةِ قَالَ أَبُو ثُمَامَةَ الصَّائِدِيُّ لِلْحُسَيْنِ: نَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ! أَرَى هَؤُلَاءِ قَدِ اقْتَرَبُوا مِنْكَ، وَاللَّهِ لَا تُقْتَلُ حَتَّى أُقْتَلَ دُونَكَ، وَأُحِبَّ أَنَّ أَلْقَى رَبِّي وَقَدْ صَلَّيْتُ هَذِهِ الصَّلَاةَ! فَرَفَعَ الْحُسَيْنُ رَأَسَهُ وَقَالَ: ذَكَرْتَ الصَّلَاةَ جَعَلَكَ اللَّهُ مِنَ الْمُصَلِّينَ الذَّاكِرِينَ، نَعَمْ هَذَا أَوَّلُ وَقْتِهَا، ثُمَّ قَالَ: سَلُوهُمْ أَنْ يَكُفُّوا عَنَّا حَتَّى نُصَلِّيَ.

فَفَعَلُوا، فَقَالَ لَهُمُ الْحُصَيْنُ: إِنَّهَا لَا تُقْبَلُ.

فَقَالَ لَهُ حَبِيبُ (بْنُ مُطَهِّرٍ: زَعَمْتَ لَا تُقْبَلُ الصَّلَاةُ مِنْ آلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَتُقْبَلُ) مِنْكَ يَا حِمَارُ! فَحَمَلَ عَلَيْهِ الْحُصَيْنُ، وَخَرَجَ إِلَيْهِ (حَبِيبٌ) فَضَرَبَ وَجْهَ فَرَسِهِ بِالسَّيْفِ فَشَبَّ فَسَقَطَ عَنْهُ الْحُصَيْنُ فَاسْتَنْقَذَهُ أَصْحَابُهُ، وَقَاتَلَ حَبِيبٌ (قِتَالًا شَدِيدًا فَقَتَلَ رَجُلًا مِنْ بَنِي تَمِيمٍ اسْمُهُ بُدَيْلُ بْنُ صُرَيْمٍ، وَحَمَلَ عَلَيْهِ آخِرُ مَنْ تَمِيمٍ فَطَعَنَهُ فَذَهَبَ لِيَقُومَ فَضَرَبَهُ الْحُصَيْنُ عَلَى رَأْسِهِ بِالسَّيْفِ فَوَقَعَ وَنَزَلَ إِلَيْهِ التَّمِيمِيُّ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، فَقَالَ لَهُ الْحُصَيْنُ: أَنَا شَرِيكٌ فِي قَتْلِهِ.

فَقَالَ الْآخَرُ: لَا وَاللَّهِ! فَقَالَ لَهُ الْحُصَيْنُ: أَعْطِنِيهِ أُعَلِّقُهُ فِي عُنُقِ فَرَسِي كَيْمَا يَرَى النَّاسُ أَنِّي شَرِكْتُ فِي قَتْلِهِ ثُمَّ خُذْهُ وَامْضِ بِهِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ فَلَا حَاجَةَ لِي فِيمَا تُعْطَاهُ.

فَفَعَلَ وَجَالَ بِهِ فِي النَّاسِ ثُمَّ دَفَعَهُ إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَجَعُوا إِلَى الْكُوفَةِ أَخَذَ الرَّأْسَ وَجَعَلَهُ فِي عُنُقِ فَرَسِهِ) ثُمَّ أَقْبَلَ بِهِ إِلَى ابْنِ زِيَادٍ فِي الْقَصْرِ فَبَصَرَ بِهِ الْقَاسِمُ بْنُ حَبِيبٍ، وَقَدْ رَاهَقَ، فَأَقْبَلَ مَعَ الْفَارِسِ لَا يُفَارِقُهُ، فَارْتَابَ بِهِ الرَّجُلُ، فَسَأَلَهُ عَنْ حَالِهِ، فَأَخْبَرَهُ وَطَلَبَ

<<  <  ج: ص:  >  >>