للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَبَيْنَمَا النَّاسُ فِي قِتَالِهِمْ إِذْ سَمِعُوا تَكْبِيرًا مِنْ خَلْفِهِمْ فِي جَوْفِ الْمَدِينَةِ، وَكَانَ سَبَبُهُ أَنَّ بَنِي حَارِثَةَ أَدْخَلُوا أَهْلَ الشَّامِ الْمَدِينَةَ فَانْهَزَمَ النَّاسُ، فَكَانَ مَنْ أُصِيبَ فِي الْخَنْدَقِ أَكْثَرَ مِمَّنْ قُتِلَ.

وَدَعَا مُسْلِمٌ النَّاسَ إِلَى الْبَيْعَةِ لِيَزِيدَ عَلَى أَنَّهُمْ خَوَلٌ لَهُ يَحْكُمُ فِي دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ مَنْ شَاءَ، فَمَنِ امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ قَتَلَهُ، وَطَلَبَ الْأَمَانَ لِيَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبِيعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَلِمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْجَهْمِ بْنِ حُذَيْفَةَ، وَلِمَعْقِلِ بْنِ سِنَانٍ الْأَشْجَعِيِّ، فَأُتِيَ بِهِمْ بَعْدَ الْوَقْعَةِ بِيَوْمٍ، فَقَالَ: بَايِعُوا عَلَى الشَّرْطِ.

فَقَالَ الْقُرَشِيَّانِ: نُبَايِعُكَ عَلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ. فَضَرَبَ أَعْنَاقَهُمَا.

فَقَالَ مَرْوَانُ: سُبْحَانَ اللَّهِ! أَتَقْتُلُ رَجُلَيْنِ مِنْ قُرَيْشٍ أَتَيَا بِأَمَانٍ؟ فَطَعَنَ بِخَاصِرَتِهِ بِالْقَضِيبِ، فَقَالَ: وَأَنْتَ وَاللَّهِ لَوْ قُلْتَ بِمَقَالَتِهِمَا لَقَتَلْتُكَ!

وَجَاءَ مَعْقِلُ بْنُ سِنَانٍ فَجَلَسَ مَعَ الْقَوْمِ فَدَعَا بِشَرَابٍ لِيُسْقَى، فَقَالَ لَهُ مُسْلِمٌ: أَيُّ الشَّرَابِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: الْعَسَلُ.

قَالَ: اسْقُوهُ، فَشَرِبَ حَتَّى ارْتَوَى، فَقَالَ لَهُ: أَرَوِيتَ؟ قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ: وَاللَّهِ لَا تَشْرَبُ بَعْدَهَا شَرْبَةً إِلَّا فِي نَارِ جَهَنَّمَ.

فَقَالَ: أَنْشُدُكَ اللَّهَ وَالرَّحِمَ! فَقَالَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي لَقِيتَنِي بِطَبَرِيَّةَ لَيْلَةَ خَرَجْتَ مِنْ عِنْدِ يَزِيدَ فَقُلْتَ: سِرْنَا شَهْرًا، وَرَجَعْنَا شَهْرًا، وَأَصْبَحْنَا صِفْرًا، نَرْجِعُ إِلَى الْمَدِينَةِ فَنَخْلَعُ هَذَا الْفَاسِقَ ابْنَ الْفَاسِقِ وَنُبَايِعُ لِرَجُلٍ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ (أَوِ الْأَنْصَارِ فِيمَ غَطَفَانُ وَأَشْجَعُ مِنَ الْخَلْقِ وَالْخِلَافَةِ! إِنَّنِي آلَيْتُ بِيَمِينٍ لَا أَلْقَاكَ فِي حَرْبٍ أَقْدِرُ مِنْهُ عَلَى قَتْلِكَ إِلَّا فَعَلْتُ) .

ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَقُتِلَ.

وَأُتِيَ بِيَزِيدَ بْنِ وَهْبٍ، فَقَالَ لَهُ: بَايِعْ.

قَالَ: أُبَايِعُكَ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

قَالَ: اقْتُلُوهُ.

قَالَ: أَنَا أُبَايِعُكَ! قَالَ: لَا وَاللَّهِ، فَتَكَلَّمَ فِيهِ مَرْوَانُ لِصِهْرٍ كَانَ بَيْنَهُمَا، (فَأَمَرَ بِمَرْوَانَ فُوُجِئَتْ عُنُقُهُ) ثُمَّ قُتِلَ يَزِيدُ.

ثُمَّ أَتَى مَرْوَانُ بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، (فَجَاءَ يَمْشِي بَيْنَ مَرْوَانَ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ) حَتَّى جَلَسَ بَيْنَهُمَا عِنْدَهُ، فَدَعَا مَرْوَانُ بِشَرَابٍ لِيَتَحَرَّمَ بِذَلِكَ [مِنْ مُسْلِمٍ] ، فَشَرِبَ مِنْهُ يَسِيرًا

<<  <  ج: ص:  >  >>