وَكَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ لِلَيْلَتَيْنِ بَقِيَتَا مِنْ ذِي الْحِجَّةِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُمَارَةَ: قَدِمْتُ الشَّامَ فِي تِجَارَةٍ فَقَالَ لِي رَجُلٌ: مِنْ أَيْنَ أَنْتَ؟ فَقُلْتُ: مِنَ الْمَدِينَةِ.
فَقَالَ: خَبِيثَةٌ.
فَقُلْتُ: يُسَمِّيهَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - طَيْبَةَ وَتُسَمِّيهَا خَبِيثَةً! فَقَالَ: إِنَّ لِي وَلَهَا لَشَأْنًا، لَمَّا خَرَجَ النَّاسُ إِلَى وَقْعَةِ الْحَرَّةِ رَأَيْتُ فِي الْمَنَامِ أَنِّي قَتَلْتُ رَجُلًا اسْمُهُ مُحَمَّدٌ أَدْخُلُ بِقَتْلِهِ النَّارَ، فَاجْتَهَدْتُ فِي أَنِّي لَا أَسِيرُ مَعَهُمْ فَلَمْ يُقْبَلْ مِنِّي، فَسِرْتُ مَعَهُمْ وَلَمْ أُقَاتِلْ حَتَّى انْقَضَتِ الْوَقْعَةُ، فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ فِي الْقَتْلَى بِهِ رَمَقٌ فَقَالَ: تَنَحَّ يَا كَلْبُ! فَأَنِفْتُ مِنْ كَلَامِهِ وَقَتَلْتُهُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ رُؤْيَايَ فَجِئْتُ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ يَتَصَفَّحُ الْقَتْلَى، فَلَمَّا رَأَى الرَّجُلَ الَّذِي قَتَلْتُهُ قَالَ: إِنَّا لِلَّهِ، لَا يَدْخُلُ قَاتِلُ هَذَا الْجَنَّةَ.
قُلْتُ: وَمَنْ هَذَا؟ قَالَ: هُوَ مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ وُلِدَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَسَمَّاهُ مُحَمَّدًا وَكَنَّاهُ أَبَا عَبْدِ الْمَلِكِ، فَأَتَيْتُ أَهْلَهُ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِمْ أَنْ يَقْتُلُونَنِي فَلَمْ يَفْعَلُوا، وَعَرَضْتُ عَلَيْهِمُ الدِّيَةَ فَلَمْ يَأْخُذُوا.
وَمِمَّنْ قُتِلَ بِالْحَرَّةِ عَبْدُ اللَّهِ (بْنُ عَاصِمٍ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَيْسَ بِصَاحِبِ الْأَذَانِ، ذَاكَ) ابْنُ زَيْدِ بْنِ ثَعْلَبَةَ.
وَقُتِلَ أَيْضًا فِيهَا عُبَيْدُ اللَّهِ (بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَوْهَبٍ.
وَوَهْبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَمْعَةَ بْنِ الْأَسْوَدِ.
وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ الرَّحْمَنِ بْنِ حَاطِبٍ.
وَزُبَيْرُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ.
وَعَبْدُ اللَّهِ) بْنُ نَوْفَلِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ.
ذِكْرُ عِدَّةِ حَوَادِثَ
وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ تُوُفِّيَ الرَّبِيعُ بْنُ خُثَيْمٍ الْكُوفِيُّ الزَّاهِدُ.
وَحَجَّ بِالنَّاسِ هَذِهِ السَّنَةَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ، وَكَانَ يُسَمَّى يَوْمَئِذٍ الْعَائِذُ، وَيَرَوْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute