للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَغَضِبَ مُوسَى، فَدَعَا عَلَيْهِمْ، فَقَالَ: {رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} [المائدة: ٢٥] ، وَكَانَتْ عَجَلَةً مِنْ مُوسَى. فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ} [المائدة: ٢٦] . فَنَدِمَ مُوسَى حِينَئِذٍ. فَقَالُوا لَهُ: فَكَيْفَ لَنَا بِالطَّعَامِ؟ فَأَنْزَلَ اللَّهُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى.

فَأَمَّا الْمَنُّ فَقِيلَ هُوَ كَالصَّمْغِ وَطَعْمُهُ كَالشَّهْدِ يَقَعُ عَلَى الْأَشْجَارِ، وَقِيلَ: هُوَ التَّرَنْجَبِينُ، وَقِيلَ: هُوَ الْخُبْزُ الرِّقَاقُ، وَقِيلَ: هُوَ عَسَلٌ كَانَ يَنْزِلُ لِكُلِّ إِنْسَانٍ صَاعٌ، وَأَمَّا السَّلْوَى فَهُوَ طَائِرٌ يُشْبِهُ السُّمَانَى. فَقَالُوا: أَيْنَ الشَّرَابُ؟ فَأَمَرَ مُوسَى فَضَرَبَ بِعَصَاهُ الْحَجَرَ {فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا} [البقرة: ٦٠] لِكُلِّ سِبْطٍ عَيْنٌ. فَقَالُوا: أَيْنَ الظِّلُّ؟ فَظَلَّلَ عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ فَقَالُوا: أَيْنَ اللِّبَاسُ؟ فَكَانَتْ ثِيَابُهُمْ تَطُولُ مَعَهُمْ وَلَا يَتَمَزَّقُ لَهُمْ ثَوْبٌ. ثُمَّ قَالُوا: {يَامُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا قَالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ} [البقرة: ٦١] . فَلَمَّا خَرَجُوا مِنَ التِّيهِ رُفِعَ عَنْهُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى.

ثُمَّ إِنَّ مُوسَى الْتَقَى هُوَ وَعَوْجُ بْنُ عِنَاقٍ، فَوَثَبَ مُوسَى عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، وَكَانَتْ عَصَاهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، وَكَانَ طُولُهُ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، فَأَصَابَ كَعْبَ عَوْجٍ فَقَتَلَهُ. وَقِيلَ: عَاشَ عَوْجٌ ثَلَاثَةَ آلَافِ سَنَةٍ.

ثُمَّ إِنَّ اللَّهَ أَوْحَى إِلَى مُوسَى: إِنِّي مُتَوَفٍّ هَارُونَ فَأْتِ بِهِ جَبَلَ كَذَا وَكَذَا. فَانْطَلَقَا نَحْوَهُ فَإِذَا هُمْ فِيهِ بِشَجَرَةٍ لَمْ يَرَوْا مِثْلَهَا وَفِيهِ بَيْتٌ مَبْنِيٌّ، وَسَرِيرٌ عَلَيْهِ فُرُشٌ، وَرِيحٌ طَيِّبَةٌ،

<<  <  ج: ص:  >  >>