وَتَكَلَّمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَعْدٍ بِنَحْوِ ذَلِكَ وَأَثْنَيَا عَلَى الْمُسَيَّبِ وَسُلَيْمَانَ.
فَقَالَ الْمُسَيَّبُ: قَدْ أَصَبْتُمْ فَوَلُّوا أَمْرَكُمْ سُلَيْمَانَ بْنَ صُرَدٍ.
فَتَكَلَّمَ سُلَيْمَانُ فَقَالَ بَعْدَ حَمْدِ اللَّهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنِّي لَخَائِفٌ أَلَّا يَكُونَ آخِرُنَا إِلَى هَذَا الدَّهْرِ الَّذِي نَكِدَتْ فِيهِ الْمَعِيشَةُ وَعَظُمَتْ فِيهِ الرَّزِيَّةُ وَشَمِلَ فِيهِ الْجَوْرُ أُولِي الْفَضْلِ مِنْ هَذِهِ الشِّيعَةِ لِمَا هُوَ خَيْرٌ، إِنَّا كُنَّا نَمُدُّ أَعْنَاقَنَا إِلَى قُدُومِ آلِ بَيْتِ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - نُمَنِّيهِمُ النَّصْرَ وَنُحِثُّهُمْ عَلَى الْقُدُومِ، فَلَمَّا قَدِمُوا وَنَيْنَا وَعَجَزْنَا وَأَدْهَنَّا وَتَرَبَّصْنَا حَتَّى قُتِلَ فِينَا وَلَدُ نَبِيِّنَا وَسُلَالَتُهُ وَعُصَارَتُهُ وَبَضْعَةٌ مِنْ لَحْمِهِ وَدَمِهِ إِذْ جَعَلَ يَسْتَصْرِخُ وَيَسْأَلُ النَّصَفَ فَلَا يُعْطَى، اتَّخَذَهُ الْفَاسِقُونَ غَرَضًا لِلنَّبْلِ وَدَرِيئَةً لِلرِّمَاحِ حَتَّى أَقْصَدُوهُ، وَعَدَوْا عَلَيْهِ، (فَسَلَبُوهُ أَلَا) انْهَضُوا، فَقَدْ سَخِطَ عَلَيْكُمْ رَبُّكُمْ وَلَا تَرْجِعُوا إِلَى الْحَلَائِلِ وَالْأَبْنَاءِ حَتَّى يَرْضَى اللَّهُ، وَاللَّهِ مَا أَظُنُّهُ رَاضِيًا دُونَ أَنْ تُنَاجِزُوا مَنْ قَتَلَهُ، أَلَا لَا تَهَابُوا الْمَوْتَ فَمَا هَابَهُ أَحَدٌ قَطُّ إِلَّا ذُلَّ، وَكُونُوا كَبَنِي إِسْرَائِيلَ إِذْ قَالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ: {إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [البقرة: ٥٤] فَفَعَلُوا وَجَثَوْا عَلَى الرُّكَبِ وَمَدُّوا الْأَعْنَاقَ حِينَ عَلِمُوا أَنَّهُمْ لَا يُنْجِيهِمْ مِنْ عَظِيمِ الذَّنْبِ إِلَّا الْقَتْلُ، فَكَيْفَ بِكُمْ لَوْ دُعِيتُمْ إِلَى مَا دُعُوا! أَحِدُّوا السُّيُوفَ وَرَكِّبُوا الْأَسِنَّةَ {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [الأنفال: ٦٠]
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute