للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حُبَيْشٍ، فَلَمَّا سَمِعَ بِهِمْ حُبَيْشٌ سَارَ إِلَيْهِمْ مِنَ الْمَدِينَةِ، وَأَرْسَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ الْعَبَّاسَ بْنَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيَّ إِلَى الْمَدِينَةِ أَمِيرًا وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ فِي طَلَبِ حُبَيْشٍ حَتَّى يُوَافِيَ الْجُنْدَ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ الَّذِينَ عَلَيْهِمُ الْحُنَيْفُ، فَأَقْبَلَ عَبَّاسٌ فِي آثَارِهِمْ حَتَّى لَحِقَهُمْ بِالرَّبَذَةِ، فَقَاتَلَهُمْ حُبَيْشٌ، فَرَمَاهُ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَكَانَ مَعَهُ يَوْمَئِذٍ يُوسُفُ بْنُ الْحَكَمِ وَابْنُهُ الْحَجَّاجُ، وَهَمَّا عَلَى جَمَلٍ وَاحِدٍ، وَانْهَزَمَ أَصْحَابُهُ، فَتَحَرَّزَ مِنْهُمْ خَمْسُمِائَةٍ بِالْمَدِينَةِ، فَقَالَ الْعَبَّاسُ بْنُ سَهْلٍ: انْزِلُوا عَلَى حُكْمِي، فَنَزَلُوا، فَقَتَلَهُمْ، وَرَجَعَ فَلُّ حُبَيْشٍ إِلَى الشَّامِ، وَلَمَّا دَخَلَ يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ الْمَدِينَةَ كَانَ عَلَيْهِ ثِيَابٌ بِيضٌ فَاسْوَدَّتْ مِمَّا مَسَحَهُ النَّاسُ وَمِمَّا صَبُّوا عَلَيْهِ مِنَ الطِّيبِ.

ذِكْرُ مَوْتِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَوِلَايَةِ ابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ

فِي شَهْرِ رَمَضَانَ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ مَاتَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ.

وَكَانَ سَبَبُ مَوْتِهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ يَزِيدَ لَمَّا حَضَرَتْهُ الْوَفَاةُ لَمْ يَسْتَخْلِفْ أَحَدًا، وَكَانَ حَسَّانُ بْنُ بِحَدْلٍ يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ مِنْ بَعْدِهِ فِي أَخِيهِ خَالِدِ بْنِ يَزِيدَ، وَكَانَ صَغِيرًا، وَحَسَّانُ خَالُ أَبِيهِ يَزِيدَ، فَبَايَعَ حَسَّانُ مَرْوَانَ بْنَ الْحَكَمِ وَهُوَ يُرِيدُ أَنْ يَجْعَلَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ لِخَالِدٍ، فَلَمَّا بَايَعَهُ هُوَ وَأَهْلُ الشَّامِ قِيلَ لِمَرْوَانَ تَزَوَّجْ أُمَّ خَالِدٍ، وَهِيَ بِنْتُ أَبِي هَاشِمِ بْنِ عُتْبَةَ، حَتَّى يَصْغُرَ شَأْنُهُ فَلَا يَطْلُبُ الْخِلَافَةَ، فَتَزَوَّجَهَا، فَدَخَلَ خَالِدٌ يَوْمًا عَلَى مَرْوَانَ وَعِنْدَهُ جَمَاعَةٌ وَهُوَ يَمْشِي بَيْنَ صَفَّيْنِ، فَقَالَ مَرْوَانُ: وَاللَّهِ إِنَّكَ لَأَحْمَقُ! تَعَالَ يَا ابْنَ الرَّطْبَةِ الِاسْتِ! يُقَصِّرُ بِهِ لِيُسْقِطَهُ مِنْ أَعْيُنِ أَهْلِ الشَّامِ.

فَرَجَعَ خَالِدٌ إِلَى أُمِّهِ فَأَخْبَرَهَا، فَقَالَتْ لَهُ: لَا يَعْلَمَنَّ ذَلِكَ مِنْكَ إِلَّا أَنَا، أَنَا أَكْفِيكَهُ. فَدَخَلَ عَلَيْهَا مَرْوَانُ فَقَالَ لَهَا: هَلْ قَالَ لَكِ خَالِدٌ فِيَّ شَيْئًا؟ قَالَتْ: لَا، إِنَّهُ أَشَدُّ لَكَ تَعْظِيمًا مِنْ أَنْ يَقُولَ فِيكَ شَيْئًا. فَصَدَّقَهَا وَمَكَثَ أَيَّامًا، ثُمَّ إِنَّ مَرْوَانَ نَامَ عِنْدَهَا يَوْمًا، فَغَطَّتْهُ بِوِسَادَةٍ حَتَّى قَتَلَتْهُ، فَمَاتَ بِدِمَشْقَ وَهُوَ ابْنُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ سَنَةً، وَقِيلَ: إِحْدَى وَسِتِّينَ.

وَأَرَادَ عَبْدُ الْمَلِكِ قَتْلَ أُمِّ خَالِدٍ، فَقِيلَ لَهُ: يَظْهَرُ عِنْدَ الْخَلْقِ أَنَّ امْرَأَةً قَتَلَتْ أَبَاكَ، فَتَرَكَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>