للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ذِكْرُ اسْتِعْمَالِ مُصْعَبٍ عَلَى الْمَدِينَةِ

فِي هَذِهِ السَّنَةِ عَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ أَخَاهُ عُبَيْدَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ عَنِ الْمَدِينَةِ وَاسْتَعْمَلَ أَخَاهُ مُصْعَبًا.

وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ عُبَيْدَةَ خَطَبَ النَّاسَ فَقَالَ لَهُمْ: قَدْ تَرَوْنَ مَا صَنَعَ اللَّهُ بِقَوْمٍ فِي نَاقَةٍ قِيمَتُهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ، فَسُمِّيَ مُقَوِّمَ النَّاقَةِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ أَخَاهُ عَبْدَ اللَّهِ فَعَزَلَهُ وَاسْتَعْمَلَ مُصْعَبًا.

ذِكْرُ بِنَاءِ ابْنِ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ

لَمَّا احْتَرَقَتِ الْكَعْبَةُ غَزَا أَهْلُ الشَّامِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ أَيَّامَ يَزِيدَ تَرَكَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ يُشَنِّعُ بِذَلِكَ عَلَى أَهْلِ الشَّامِ، فَلَمَّا مَاتَ يَزِيدُ وَاسْتَقَرَّ الْأَمْرُ لِابْنِ الزُّبَيْرِ شَرَعَ فِي بِنَائِهَا، فَأَمَرَ بِهَدْمِهَا حَتَّى أُلْحِقَتْ بِالْأَرْضِ، وَكَانَتْ قَدْ مَالَتْ حِيطَانُهَا مِنْ حِجَارَةِ الْمَنْجَنِيقِ، وَجَعَلَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ عِنْدَهُ، وَكَانَ النَّاسُ يَطْفُونَ مِنْ وَرَاءِ الْأَسَاسِ، وَضَرَبَ عَلَيْهَا السُّورَ وَأَدْخَلَ فِيهَا الْحَجَرَ (وَاحْتَجَّ بِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لِعَائِشَةَ: " «لَوْلَا حِدْثَانُ عَهْدِ قَوْمِكِ بِالْكُفْرِ، لَرَدَدْتُ الْكَعْبَةَ عَلَى أَسَاسِ إِبْرَاهِيمَ، وَأَزِيدُ فِيهَا الْحَجَرَ» ) .

فَحَفَرَ ابْنُ الزُّبَيْرِ فَوَجَدَ أَسَاسًا أَمْثَالَ الْجِمَالِ فَحَرَّكُوا مِنْهَا صَخْرَةً فَبَرَقَتْ بَارِقَةٌ فَقَالَ: أَقِرُّوهَا عَلَى أَسَاسِهَا وَبِنَائِهَا، وَجَعَلَ لَهَا بَابَيْنِ، يُدْخَلُ مِنْ أَحَدِهِمَا وَيُخْرَجُ مِنَ الْآخَرِ.

وَقِيلَ: كَانَتْ عِمَارَتُهَا سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>