وَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ قِتَالٍ اقْتَتَلَهُ النَّاسُ، وَانْهَزَمَتْ بَنُو عَامِرٍ، وَكَانَتْ عَلَى مُجَنَّبَةِ قَيْسٍ، وَصَبَرَتْ سُلَيْمٌ وَأَعْصَرَتْ حَتَّى انْهَزَمَتْ تَغْلِبُ وَمَنْ مَعَهَا، وَقُتِلَ ابْنَا عَبْدِ يَشُوعَ وَغَيْرُهُمَا مِنْ أَشْرَافِ تَغْلِبَ، فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ:
فِدًا لِفَوَارِسِ الثَّرْثَارِ نَفْسِي ... وَمَا جَمَّعْتُ مِنْ أَهْلٍ وَمَالِ
وَوَلَّتْ عَامِرٌ عَنَّا فَأَجْلَتْ ... وَحَوْلِي مِنْ رَبِيعَةَ كَالْجِبَالِ
أُكَاوِحُهُمْ بِدُهْمٍ مِنْ سُلَيْمٍ ... وَأُعْصِرُ كَالْمَصَاعِيبِ النِّهَالِ
وَقَالَ زُفَرُ بْنُ الْحَارِثِ:
أَلَا مَنْ مُبْلِغٌ عَنِّي عُمَيْرًا ... رِسَالَةَ نَاصِحٍ وَعَلَيْهِ زَارِي
أَنَتْرُكُ حَيَّ ذِي يَمَنٍ وَكَلْبًا ... وَنَجْعَلُ جِدَّنَا بِكَ فِي نِزَارِ
كَمُعْتَمِدٍ عَلَى إِحْدَى يَدَيْهِ ... فَخَانَتْهُ بِوَهْنٍ وَانْكِسَارِ
يَوْمُ الْفُدَيْنِ
وَأَغَارَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ عَلَى الْفُدَيْنِ، وَهِيَ قَرْيَةٌ عَلَى الْخَابُورِ، وَقَتَلَ مَنْ بِهَا مِنْ بَنِي تَغْلِبَ، فَهَزَمَهُمْ، فَقَالَ نُفَيْعُ بْنُ صَفَّارٍ الْمُحَارِبِيُّ:
لَوْ تُسْأَلُ الْأَرْضُ الْفَضَاءُ عَلَيْكُمُ ... شَهِدَ الْفُدَيْنُ بِهُلْكِكُمْ وَالصُّوَّرُ
وَالصُّوَّرُ: قَرْيَةٌ مِنَ الْفُدَيْنِ.
يَوْمُ السُّكَيْرِ
وَهُوَ عَلَى الْخَابُورِ، يُسَمَّى سُكَيْرَ الْعَبَّاسِ.
ثُمَّ اجْتَمَعُوا وَالْتَقَوْا بِالسُّكَيْرِ، وَعَلَى قَيْسٍ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ، وَعَلَى تَغْلِبَ وَالنَّمِرِ يَزِيدُ بْنُ هَوْبَرٍ، فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَانْهَزَمَتْ تَغْلِبُ وَالنَّمِرُ، وَهَرَبَ عُمَيْرُ بْنُ جَنْدَلٍ، وَهُوَ مِنْ فُرْسَانِ تَغْلِبَ، فَقَالَ عُمَيْرُ بْنُ الْحُبَابِ: